الرأي

اللغة الإعلامية

د سامي زهران
أستاذ الإعلام المساعد


عرف النقاد العرب النثر بأنه الكلام المرسل من قيود الوزن والقافية..
وقسموه إلى: النشر العادي وهو الذي يستخدمه عامة الناس في لغة تخاطبهم دون أن يحفلوا به، أو يقصدوا فيه إلى شيء من الروية أو التفكير أو الزخرف، وإنما يرسلونه مباشرة لمجرد التعبير عن حاجاتهم المختلفة، والنشر العلمي وهو الذي تصاغ به الحقائق العلمية لمجرد إبرازها والتعبير عنها دون عناية بالناحية الفنية.
النشر الفني وهو الذي يرتفع به أصحابه عن لغة الحديث العادي ولغة العلم الجافة، إلى لغة فيها فن ومهارة وروية، ويوفرون له ضروبا من التنسيق، والتعميق، والزخرف، فيختارون ألفاظه، وينسقون جمله ومعانيه، والنشر العملي (الصحفي) وقالوا إن هذا النوع من النشر يقف في منتصف الطريق بين لغة الأدب (النشر الفني) ولغة التخاطب اليومي (النشر العادي) له من النشر العادي ألفته وسهولته الشعبية، وله من الأدب حظه من التفكير وعذوبة التعبير.
وإذا أردنا أن نسأل ما الفرق بين لغة الإعلام ولغة الأدب؟
فينبغي لنا أن نفرق بين الإعلام والأدب، فالإعلام مهنة لها لغتها الخاصة وأساليبها، ورجل الإعلام له أسلوبه بمعنى أن أسلوبه عملي، علمي، لا بمعنى العلم، وإنما بمعنى أن أسلوبه مقابل للأسلوب الأدبي، ألفاظه ليست مقصودة لذاتها فهي بعيدة عن الدلالات المجازية، وهي مرتبة بمنطق علمي سليم ودقيق وموضوعي تنقل الحقائق لا التجارب الذاتية، وبأبسط الأساليب اللغوية الميسرة والمعبرة.
أما الأدب فهو فن ولغته ذاتية تعتمد التصوير، والإيحاء، واللغة الموسيقية، واستخدام المجازات والبديع والإطناب، والمحسنات اللغوية، وهو يستهدف تكوين الفرد المعنوي للتأثير فيه من خلال التأمل، والفارق بينها كبير، فالإعلام أداته الكلمة وهي وسيلة لنقل الخبر الذي هو صلب العمل الإعلامي، ويأتي بعدها الصورة، والرسم الكاريكاتيري، فالكلمة لا تطلب لذاتها، أما الأدب فأداته الكلمة، وهي تطلب لذاتها لأنها جوهر التعبير ونبضه وإن فقدها انهار، والإعلام مهنة والأدب فن، والفرق بين المهنة والفن هو الفرق بين الإعلامي والأديب.
أقول هذا الكلام لأنني كثيرا ما أقرأ موضوعات في الصحافة الورقية والإلكترونية مُغرقة في الفصحى بدعوى الارتفاع بمستوى القراء، فلعل هذا المقال وغيره يوضح لهؤلاء ما غاب عنهم ..وعلى دروب الخير نلتقي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى