المضادات الحيوية في مؤتمر الصيدلة المجتمعية
د. خالد الجعلي
أستاذ مساعد بكلية الصيدلة وصيدلي متخصص في علاج الأمراض المعدية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة
نوقش في مؤتمر الصيدلة المجتمعية الذي نجحت جامعة القصيم ممثلة بكلية الصيدلة في تنظيمه بشكل مُلفت موضوع مقاومة المضادات الحيوية والتي زادت بشكل سريع ومخيف في مملكتنا الغالية، ما يؤدي إلى صعوبة علاج الأمراض المعدية وزيادة المضاعفات الصحية والوفيات. قامت الأمم المتحدة بتقدير ارتفاع نسبة الوفيات إلى ١٠ ملايين في السنة في عام ٢٠٥٠م إذا استمرت ممارسات سوء الاستخدام ونسبة المقاومة في الازدياد الحالي. ليس هذا فحسب، بل لن يكون من الممكن إجراء كثير من العمليات الجراحية وعلاج مرضى الأورام الخبيثة وزراعة الأعضاء لأنها جميعا تعتمد على بقاء فعالية المضادات الحيوية..
بينت الدراسات السعودية في العديد من مناطق المملكة (الشرقية، الرياض، جدة، المدينة المنورة) أن أكثر من ٨٠٪ من صيادلة المجتمع يصرفون المضادات الحيوية بدون وصفة طبية.
بينت دراسات في مدينتي الرياض وجدة أن أكثر من نصف صيادلة المجتمع يصرفون مضادات بكتيرية لعلاج أمراض سببها فيروسات غالبا (كالإسهال والزكام)، والتي لا تستجيب أبدا لهذه المضادات بل قد تضر المرضى. كما وجدت دراستان بمدينتي مكة والرياض أن بعض الصيادلة يصرفون مضادات حيوية لعلاج ألم الأسنان من غير الرجوع لطبيب الأسنان. إضافة إلى ذلك، وجدت دراسة نشرت عام ٢٠١١ أن أكثر من نصف صيادلة المجتمع صرفوا مضادات حيوية بدون وصفة لعلاج التهابات الأذن الوسطى على الرغم من عدم قدرتهم على فحص الأذن للتأكد من وجود هذه الالتهابات. من الجدير بالذكر أن دراستين بمدينتي جدة والمدينة المنورة ذكرت أن حوالي نصف صيادلة المجتمع لم يسألوا عن دواعي الاستخدام. كما بينت دراستان بمدينتي الرياض والمدينة المنورة أن أغلب صيادلة المجتمع صرفوا المضادات الحيوية بدون إجراء أي حوار أوطرح أي أسئلة أو مشاركة أي إرشادات للمرضى.
من الصادم أن دراسة نشرت عام ٢٠١٦ بمكة المكرمة ذكر فيها ٧٠٪ من الصيادلة أنهم لا يعرفون أن صرف المضادات الحيوية بدون وصفة غير قانوني مع اعتراف ٨٥٪ أنهم يعلمون أن هذه الممارسة تؤدي إلى زيادة مقاومة البكتيريا. أظهرت دراسات بالمنطقة الشرقية ومدينة الرياض عدم اختيار أغلب الصيادلة للمضادات الحيوية الموصى بها وصرف خيارات بديلة أكثر ضررا على المرضى ومن ضمنهم الحوامل.
ذكرت دراسة بمدينة جدة عام ٢٠١٣ أن خُمس صيادلة المجتمع يصرفون المضادات الحيوية لأن الزبون سوف يذهب لصيدلية أخرى إن امتنعوا عن صرفها. ٩٪ من صيادلة المجتمع بالمدينة المنورة حسب دراسة نشرت عام ٢٠١٤ يعتقدون أن صرف هذه الأدوية بدون وصفة ممارسة ليست خطيرة بينما اعتقد نصفهم أنها ليست مشكلة أبدا وأنهم يستطيعون تشخيص حالات العدوى الواضحة وعلاجها.
بناء على ذلك، يجب تفعيل نظام المتابعة والعقوبة كما يحصل في العديد من دول العالم (على الأقل في المدن الكبيرة)، وبعضها يعاقب الصيدلي الذي يصرف مضادا حيويا من غير وصفة طبية بسحب رخصة مزاولة مهنة الصيدلة. كما تجب توعية الصيادلة العاملين في صيدليات المجتمع وطلبة الصيدلة عن أهمية وكيفية الشرح الدوائي للمرضى وعدم الاكتفاء بصرف المضادات الحيوية مباشرة من غير سؤال المرضى عن داعي الاستخدام ووجود حمل وغيرها من الأمور الأساسية. وأخيرا فإن أغلب العاملين في صيدليات المجتمع غير سعوديين ويجب أن يتم توطين الصيدليات بأسرع وقت بأبناء الوطن والذين يؤمل منهم ألا يقوموا بإساءة استخدام هذه الأدوية القيمة ويحافظوا على مجتمعهم من زيادة البكتيريا المقاومة والتي تفتك كل يوم بأبناء الوطن الغالي.