بيئة

منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭: ‬مليار‭ ‬نسمة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أرجاء‭ ‬العالم‭ ‬يتعرضون‭ ‬للتلوث‭ ‬الذي‭ ‬تفوق‭ ‬درجته‭ ‬مئة‭ ‬مرة‭ ‬المعدلات‭ ‬المسموح‭ ‬بها

ارتباط‭ ‬شديد‭ ‬بين‭ ‬الإنسان‭ ‬والبيئة‭.. ‬فكما‭ ‬يتأثر‭ ‬الإنسان‭ ‬ببيئته‭ ‬فإنه‭ ‬يؤثر‭ ‬عليها‭ ‬أيضا،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬إيجابيا‭ ‬أو‭ ‬سلبيا‭.. ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يحتم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬بيئتنا‭ ‬بإيجابية‭ ‬ومسؤولية‭.. ‬
خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬حققت‭ ‬المملكة‭ ‬قفزات‭ ‬مذهلة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬كثيرة‭ ‬كالصناعة‭ ‬والزراعة‭ ‬والتوسع‭ ‬العمراني‭ ‬وفي‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬والاتصال،‭ ‬وكان‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يصاحب‭ ‬ذلك‭ ‬بعض‭ ‬السلبيات‭ ‬التي‭ ‬يلزم‭ ‬الوقوف‭ ‬عندها‭ ‬وعدم‭ ‬التساهل‭ ‬بها،‭ ‬وسوف‭ ‬نعرض‭ ‬في‭ ‬السطور‭ ‬التالية‭ ‬أهم‭ ‬المشكلات‭ ‬البيئية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تمثل‭ ‬أعراضا‭ ‬جانبية‭ ‬للتطور‭ ‬والتقدم‭ ‬الصناعي‭ ‬والتكنولوجي‭.‬

أ‭.‬د‭. ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬الصقير‭ ‬
كلية‭ ‬الزراعة‭ ‬والطب‭ ‬البيطري

التعليم ووسائل الإعلام
للتعليم‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬وبالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الوعي‭ ‬والثقافة‭ ‬البيئية،‭ ‬وذلك‭ ‬بغية‭ ‬تحقيق‭ ‬رؤية‭ ‬شمولية‭ ‬متكاملة‭ ‬لبناء‭ ‬مجتمع‭ ‬مثقف‭ ‬بيئياً،‭ ‬فهذه‭ ‬الثقافة‭ ‬والوعي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬ترفاً،‭ ‬كما‭ ‬إنها‭ ‬ليست‭ ‬ضرورية‭ ‬للمختصين‭ ‬والمهتمين‭ ‬بالبيئة‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬للمثقف‭ ‬والإنسان‭ ‬العادي‭ ‬والصغير‭ ‬والكبير‭ ‬ولكل‭ ‬من‭ ‬يهمه‭ ‬خير‭ ‬كوكبنا‭ ‬الأرض،‭ ‬فسلامة‭ ‬البيئة‭ ‬مسؤولية‭ ‬الجميع‭ ‬.
التلوث
يعد‭ ‬من‭ ‬أقدم‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬البشرية،‭ ‬حيث‭ ‬بدأ‭ ‬مبكرا‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬بدأ‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬اليومية،‭ ‬وذكر‭ ‬بيان‭ ‬أصدرته‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬أن‭ ‬مليار‭ ‬نسمة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أرجاء‭ ‬العالم‭ ‬يتعرضون‭ ‬بشكل‭ ‬اعتيادي‭ ‬إلى‭ ‬تلوث‭ ‬تفوق‭ ‬درجته‭ ‬مئة‭ ‬مرة‭ ‬المعدلات‭ ‬المسموح‭ ‬بها‭. ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬أنه‭ – ‬بخلاف‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬التلوث‭ ‬الأخرى‭- ‬سريع‭ ‬الانتشار‭ ‬ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬تأثيره‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬المصدر‭ ‬وإنما‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬المناطق‭ ‬المجاورة‭ ‬والبعيدة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لجمه‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليه‭ ‬بعد‭ ‬خروجه‭ ‬من‭ ‬المصدر،‭ ‬لذا‭ ‬يجب‭ ‬التحكم‭ ‬به‭ ‬ومعالجته‭ ‬قبل‭ ‬خروجه‭ ‬إلى‭ ‬الجو
تلوث المياه
تلوث‭ ‬المياه‭ ‬يشكل‭ ‬هاجساً‭ ‬بيئياً‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬به،‭ ‬وقد‭ ‬تتلوث‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬صناعية‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬مياه‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي،‭ ‬وقد‭ ‬يسهم‭ ‬النشاط‭ ‬الزراعي‭ ‬بدور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬تلوث‭ ‬المياه‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬الاستخدام‭ ‬المفرط‭ ‬للمواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬كالأسمدة‭ ‬والمبيدات‭ ‬التي‭ ‬تتسرب‭ ‬إلى‭ ‬باطن‭ ‬الأرض‭ ‬ملحقةً‭ ‬الضرر‭ ‬بالمياه‭ ‬الجوفية‭. ‬وتمثل‭ ‬مشكلة‭ ‬التصحر‭ ‬وزحف‭ ‬الرمال‭ ‬تحدياً‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬به،‭ ‬وللدلالة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تشكله‭ ‬ظاهرة‭ ‬التصحر‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬فقد‭ ‬ذكر‭ ‬برنامج‭ ‬البيئة‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬حوالي‭ ‬70٪‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الصالحة‭ ‬للزراعة‭ ‬تدهورت‭ ‬وتحولت‭ ‬إلى‭ ‬صحاري‭ ‬قاحلة‭ ‬أو‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬للتدهور،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬تهديداً‭ ‬خطيراً‭ ‬لإنتاج‭ ‬الغذاء‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬
التصحر
يسبب‭ ‬التصحر‭ ‬خسائر‭ ‬مادية‭ ‬سنوية‭ ‬تقدر‭ ‬بـ‭ ‬42‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنوياً‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬ويعد‭ ‬التصحر‭ ‬مسؤولا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬عن‭ ‬الهجرات‭ ‬البشرية‭ ‬وما‭ ‬تخلفه‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬اجتماعية‭ ‬وسياسية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬العامل‭ ‬البشري‭ ‬هو‭ ‬العامل‭ ‬الأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬وتأثيرا‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬التصحر‭ ‬وذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬إزالة‭ ‬الغابات‭ ‬وسوء‭ ‬إدارة‭ ‬المراعي‭ ‬والاستغلال‭ ‬السيئ‭ ‬للأراضي‭ ‬الزراعية،‭ ‬حيث‭ ‬تزداد‭ ‬خطورة‭ ‬العامل‭ ‬البشري‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الجافة‭ ‬ذات‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬المحدودة،‭ ‬إذ‭ ‬تؤدي‭ ‬إزالة‭ ‬الغطاء‭ ‬النباتي‭ ‬بالاحتطاب‭ ‬واقتلاع‭ ‬الأشجار‭ ‬التي‭ ‬تثبت‭ ‬التربة‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬وخيمة‭ ‬ويتسبب‭ ‬في‭ ‬زحف‭ ‬الرمال‭ ‬واتساع‭ ‬مساحة‭ ‬الصحراء.
التوازن البيئي
من‭ ‬صور‭ ‬الإخلال‭ ‬بالتوازن‭ ‬البيئي‭ ‬التي‭ ‬تسبب‭ ‬الإنسان‭ ‬بحدوثها‭ ‬تدهور‭ ‬وانخفاض‭ ‬التنوع‭ ‬الحيوي‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية،‭ ‬وقد‭ ‬أدت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬الخاطئة‭ ‬إلى‭ ‬تعريض‭ ‬أنواع‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية‭ (‬نباتية‭ ‬أو‭ ‬حيوانية‭) ‬إلى‭ ‬الانقراض،‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬تلك‭ ‬الممارسات‭ ‬المؤذية‭ ‬تدمير‭ ‬الموطن‭ ‬الطبيعي‭ ‬للكائنات‭ ‬الحية‭ ‬بإزالة‭ ‬الغطاء‭ ‬النباتي،‭ ‬والتوسع‭ ‬العمراني،‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬للبيئات‭ ‬البحرية‭ ‬من‭ ‬تلوث‭ ‬بسبب‭ ‬تسرب‭ ‬النفط‭ ‬والمواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬ومياه‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي،‭ ‬وكذلك‭ ‬أساليب‭ ‬الزراعة‭ ‬الخاطئة‭ ‬والمبالغة‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الأسمدة‭ ‬و‭ ‬المبيدات‭ ‬الكيميائية.
الجوانب والأخطار
إن‭ ‬المشاكل‭ ‬والأخطار‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬التعاطي‭ ‬السيئ‭ ‬مع‭ ‬البيئة‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬كوني‭ ‬ويتعدى‭ ‬ضررها‭ ‬الأفراد‭ ‬والمجتمعات‭ ‬الصغيرة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الخطر‭ ‬يمكن‭ ‬الحد‭ ‬منه‭ ‬وإيقافه‭ ‬إذا‭ ‬تضافرت‭ ‬الجهود‭ ‬وارتفع‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬البيئي‭ ‬لدى‭ ‬عامة‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬القدر‭ ‬الذي‭ ‬يدركون‭ ‬عنده‭ ‬أنهم‭ ‬الخاسر‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬تلويث‭ ‬الهواء‭ ‬والإضرار‭ ‬بالتوازن‭ ‬البيئي‭. ‬
وفي‭ ‬تجارب‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬التغيير‭ ‬إلى‭ ‬الأفضل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬ممكن‭ ‬الحدوث،‭ ‬حيث‭ ‬تقوم‭ ‬المنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬وجمعيات‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬بجهود‭ ‬جبارة‭ ‬وتمارس‭ ‬ضغوطاً‭ ‬على‭ ‬الحكومات‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬التلوث‭ ‬ولسن‭ ‬القوانين‭ ‬والأنظمة‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬البيئة‭ ‬بمكوناتها‭ ‬المختلفة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى