دراسات

غرائب الهيدروجين وتحوله للحالة الصلبة

الماء والذي يعد جوهر الحياة يتكون بالأساس من عنصري الهيدروجين والأكسجين، الهيدروجين هو غاز عديم اللون والرائحة شديد الاشتعال إذا خلط مع الاكسجين عند درجات حرارة مرتفعة 570 م، كما يعد أخف الغازات وأكثرها انتشارا في الكون حيث يشكل عنصر الهيدروجين 75% من حجم الكون، فأهم الغازات المكونة للنجوم هو غاز الهيدروجين. وتمثل طريقة تفاعله مع درجات الحرارة والضغط الشديد أساساً لفهم مادة الكون الغنية بالهيدروجين. تتكون ذرة الهيدروجين من بروتون يدور حوله الكترون، ولا تحتوي على نيوترون، والهيدروجين هو العنصر الوحيد الذي لا يحوي في تركيبه نيوتروناً.

أين نجد الهيدروجين؟ يتواجد الهيدروجين على سطح كوكب الأرض بشكل أساسي في الماء، فجزيء الماء الواحد يتكون من ذرتي هيدروجين مرتبطة بروابط تشاركية مع ذرة الأكسجين، أما الهيدروجين الحر في الطبيعة فنسبته ضئيلة نسبياً، فهو غاز خفيف جداً يهرب من الجاذبية الأرضية بسهولة باتجاه الطبقات المرتفعة في الهواء. الهيدروجين غاز لافلزي، يتحول الى فلز سائل عند تعريضه للضغط المرتفع كما هو الحال في الكواكب الغازية العملاقة مثل المشتري و زحل، حيث يتحول الهيدروجين تحت الضغط الشديد إلى الحالة الفلزية السائلة. فعلى سبيل المثال، فإن سطح كوكب المشتري يملك مجالاً مغناطيسياً هائلاً يساوي 14 ضعف المجال المغناطيسي لسطح الارض.

ويرجح العلماء السر وراء هذا المجال المغناطيسي الهائل إلى أن جزءاً من كتلة الهيدروجين الغازية تتحول بفعل الضغط الشديد إلى سائل فلزي تتحرر الإلكترونات من ذراته، لتتحرك عبر السائل الفلزي بحريّة ، وأثناء دوران الكوكب في مداره حول الشمس فإن السائل الفلزي الهيدروجيني يولد مجالاً مغناطيسياً مساوياً لِ 14 ضعفاً لذلك الموجود على سطح الارض. وبشكلٍ عام، فإن زيادة الضغط تجعل جزيئات الهيدروجين الغازية تبدأ بالتغير، أي تأخذ أشكالاً جديدة وقد تتحول للحالة الصلبة، هذه الأشكال الجديدة تسمى أطواراً. وفي حالة تعرض الهيدروجين للضغط العالي فإن جزيئات الهيدروجين الغازية يتوقع لها أن تأخذ أحد الأطوار التالية: 1. قد يتحول غاز الهيدروجين إلى معدن فلزي، مما يعني أنه سيكون موصلاً للكهرباء. 2. قد يتحول إلى فلز فائق التوصيل (superconductor). 3. قد يتحول إلى سائل فائق الميوعة (superfluid)، وهو السائل الذي لا يجمد أبداً، ويمثل حالة جديدة وغريبة لحالات المادة المعروفة لدينا. وفي بحثٍ جديد نُشر في مجلة : Physical Letters Reviews، ركز على اختبار الهيدروجين والأطوار التي يأخذها في حالات الضغط العالي أثارت نتائجه الدهشة حيال هذا العنصر بسيط البنية، حيث قام باحثون فيزيائيون في مختبر: (Carnegie’s Geophysical Laboratory)، بدراسة التركيب البلوري، والروابط والخواص الإلكترونية للهيدروجين المعرَّض لضغطٍ عالي وذلك باستخدام الأشعة تحت الحمراء المكثَّفة. فريق البحث وجد أن الطور الجديد للهيدروجين الصلب يكون مستقراً عند ضغط يتراوح من: 2.2 مليون ضعفاً للضغط الجوي الطبيعي ودرجة حرارة 80 درجة فهرنهايت، إلى ضغط أقل من 3.4 مليون ضعف للضغط الجوي الطبيعي ودرجة حرارة 100 درجة فهرنهايت. الهيدروجين الناتج عند هذه الظروف يختلف كثيراً عن الأطوار الأخرى المعروفة للهيدروجين. فجزيئات هذا الطور الجديد من الهيدروجين تأخذ شكلين مناقضين تماماً لبعضهما البعض، وهما: 1. إما أن تكون جزيئات الهيدروجين لاتتفاعل مع الجزيئات المجاورة لها، وهو ما يعد أمراً غريباً لجزيئات متقاربة جداً تحت ضغط عالي. 2. أو أن تتفاعل جزيئات الهيدروجين مع الجزيئات المجاورة لها معطية شكلاً بلورياً مستوياً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى