أعمدة

بين الصمت والوضوح

د. فهد بن سليمان الأحمد
عميد عمادة القبول والتسجيل


عزيزي الطالب وعزيزتي الطالبة عندما كنّا في المهد صبيانا كان الصراخ هو وسيلتنا للتعبير عما يدور بدواخلنا إلى أن روضت الحياة حبالنا الصوتية فصرنا نخلد إلى الصمت لأننا أدركنا أنه في أحايين كثيرة نحتاج لإغماض عيوننا عما يجري حولنا لنحافظ على علاقاتنا من القطيعة .
والصمت بالتأكيد لا يعني سذاجتنا أو عدم معرفتنا لما يدور حولنا لكنه يعبر عن دواخلنا وعن الطيبة التي نتمثلها فكل من يرانا يفسر صمتنا حسب منطلقاته ورؤيته وبالتالي فمكاسبنا عالية ولو لم يكن منها إلا أننا أرحنا أنفسنا وضمائرنا.
والصمت عزيزي الطالب وعزيزتي الطالبة هو أخصر الطرق لراحة البال مع من يحملون نوايا سيئة في دواخلهم ويفسرون المواقف على وفق مرادهم فأنت بحاجة إليه مع أستاذك ومع زملائك فكم من كلمة قالت لصاحبها دعني وكم من كلمة قضت على مستقبل حاول صاحبه بذل الغالي والنفيس في الوصول إليه.
ولَم تعد صفة الوضوح مرغوبا فيها دائما
فعندما كنا في سنوات دراستنا الأولى في الصفوف الأولية كانت عين الرقيب ( المعلم) تحيط بكتابنا المدرسي هل هو مفتوح أم لا؟ وإن كان مفتوحا فهل هو على الحكاية التي يقرؤها المعلم ويتابعه التلاميذ فيها أم لا ً؟
وعندما يكون الكتاب مفتوحا يستطيع الجميع أن يقرأ فيه ويقال عن الصريح إنه كتاب مفتوح فهل يا ترى أنه عندما يوصف أحدنا الآن بإنه كتاب مفتوح هي صفة وضوح أم صفة سذاجة؟
إن النية الطيبة لا تكفي في أن يعذرك الآخرون في وضوحك وإنما يجب أن تختار من الألفاظ ما يكون كفيلا بإيصال مرادك دون جرح للمشاعر أو تحقير للذوات بدعوى الوضوح والشفافية.
ولتعلم عزيزي الطالب وعزيزتي الطالبة أنك عند بعض من تخالط كتاب مفتوح ينقشون داخله ما يريدون فلا تعبأ بهم لأن أجمل أصدقائك من يقرؤك دون حروف ويفهمك دون أن تتكلم ويحبك دون مقابل فهو كتاب مفتوح بالنسبة لك تكتب فيه مشاعرك الصادقة.
وأخيرا روض نفسك على أن صمتك لا يعني دائما رضاك وأن صبرك ليس بالضرورة أن يعبر عن عجز ك وأن طلبك لا يتحتم منه حاجتك الماسة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى