الرأي

أوهام في التنمية البشرية

عبدالرحمن الشنقيطي
طالب كلية الاقتصاد والإدارة


يأتي هذا المقال استكمالاً لما ذكرنا في المقال السابق من عيوب في مناهج التنمية البشرية , يُلاحظ أيضا في هذه المناهج ربط النجاح بالمسالك المادية كالثراء والاختراعات وريادة الاعمال , و واقع الحال ان المادة ليست أولوية قصوى لدى كل الناس , فمن الوارد أن تجد خبّازاً سعيداُ قانعاً بما عنده وهو لم يسمع بتطوير الذات هذا في حياته , وحينها سيكون من الغباء أن نأتي ونثرّب عليه ونصرخ في وجهه : أنت فاشل ! أيقظ العملاق بداخلك وغيّر واقعك .
إن الانسان هو من يحدد احتياجاته واهدافه وعليه هو الذي يقرر ان كان ناجحاً ام لا , قد يكتفي بعضهم بالوظيفة البسيطة ويرى ان نجاحه يتمثل في الحفاظ عليها و ان يعيش بلا ديون وكفى الله المؤمنين القتال ! وليس من مصلحة المجتمع ان يكون الكل ناجحاً فيه بالشكل الذي تدعو اليه التنمية البشرية , فقد اقتضت حكمة الله ان تكون العقول المدبرة نادرة ومعدودة والسواد الاعظم من البشر أدوات تنفيذية , واذا صرنا كلنا روّاداً مبدعين فمن ذا سيتولى تلك الاعمال البسيطة والمهمة جداً كالحدادة والنجارة والتنظيف والتجنيد وغيرها ؟ وهي مجالات لا يلقي لها دعاة التنمية البشرية بالاً فهم مشغولون بالاحتفاء والتصفيق للأثرياء واصحاب النفوذ .
لقد انشغلوا بالناجح وسلّطوا الاضواء عليه وأعرضوا عن الفاشل القابع في السجن او القاعد في بيته واحتقروه , وهم بذلك يفوّتون علينا وجهة نظر مهمة قد تلفت انظارنا الى عيوب اجتماعية لم ننتبه لها ولربما تكون هي السبب في تعاسة الكثير من الناس وفشلهم .
أعزائي دعاة التنمية البشرية .. أعيدوا النظر في مناهجكم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى