عثراتك.. نهرك الجاري
طارق الحسين
كلية العلوم الطبية التطبيقية
في خضم عالم أعمالنا القائمة على رجاء الكمال ونهاية تصنع الصورة المثالية للنجاح، نسير دائمًا في طريق تحوطه الصعوبات بأشكالها المتعرجة والمتدرجة بحسب ما نطمح له من مجد واعتزاز.
يقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه جدد حياتك: “إن المجد والنجاح والإنتاج تظل أحلامًا لذيذة في نفوس أصحابها وما تتحول حقائق حية إلا إذا نفخ فيها العاملون من روحهم ووصلوها بما في الدنيا من حس وحركة”.
ويجدر بنا هنا ملاحظة ما يحاول الشيخ التطرق له في كلماته القصيرة، وهو أن الأحلام والطموحات وحدها لن تصل بك لمرادك، بل بتحويلها إلى واقع وبذل الجهد لتحقيقها بالعمل الدؤوب عليها.
من ذلك كله يحدث أن يتساءل الساعي لنجاحه، هل من الطبيعي أن أفشل؟ أن يتكرر الفشل؟ وما الذي يحدد مدى قدرتي على النجاح في تحقيق أحلامي؟
في الحقيقة لم يتفق المهتمون بهذا الجانب على إجابة دقيقة لمثل هذه الأسئلة، لكن في حديث رائع لأنجيلا دكوورث -أكاديمية ونفسانية أمريكية- في عروض تيد (TED talks) تقول فيه:
“بعد عدد من الدراسات على أماكن عمل مختلفة مثل المعلمين بالمدارس وموظفي المبيعات في الشركات وغيرها، تم الوصول لعامل مثير ومهم جدًا يجمع كل العينات، وهو أن النجاح لا يتلخص في الذكاء الاجتماعي، ولا بسبب الصحة الجسدية، ولا أي من تلك العوامل المعتادة، بل بسبب المثابرة”.
المثابرة نعني بها أن نقاتل على حلمنا، أن نستمر بالمضي قدمًا نحو ما نصبو إليه من نجاح.
نعم من الطبيعي أن نفشل، وأن نكرر الفشل في سبيل الطريق الذي صنعناه نحن لأنفسنا.
الحقيقة الثابتة هنا أن تلك العثرات ستتحول مع الوقت والمثابرة لنهرٍ جارٍ من النجاح، بشرط أن تكون حسب تلك القاعدة التي أبرزها الآن دي بوتون – كاتب وفيلسوف بريطاني-.
“علينا أن نتأكد أن مفاهيمنا حول النجاح هي مفاهيمنا الخاصة، لنفكر في أفكارنا نحن، لنتأكد أننا نحن من نريدها ونحن من صنعها، أي نحن صناع طموحاتنا”.