أعمدة

إلى ملك غسان

أ.د. فهد بن إبراهيم الضالع
الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية

كعب بن مالك صحابي جليل من الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك ثم هجرهم المجتمع الإسلامي، بمن فيهم أهلهم وأزواجهم، وحبست هذه المقاطعة أنفاسهم وحياتهم خمسين ليلة.
وبينما هم كذلك إذا برسالة شخصية ذات أهمية قصوى تقع بيد أحدهم وهو كعب بن مالك وفيها “أما بعد: فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك”.
هذا الخيار البديل ليس من أحد لا يستطيع ولا يملك القرار، بل المرسل هو ملك غسان!!
كعب تحت هذا الضغط والمقاطعة يعرف جيدا أن الحلول للمشاكل الداخلية لا تأتي من خارج الحدود، ولا تؤخذ من عواطف عابرة للقارات، ويدرك أنه مهما تأزم واقعه مع من حوله فهو أرحم بكثير من دموع التماسيح المفخخة التي أتت من خارج الحدود!! فماذا فعل إذن؟ قال رضي الله عنه: “فقلت لما قرأتها: وهذا أيضاً من البلاء، فيممت بها التنور -الفرن- فسجرتها”. أحرقها.. ببساطه وأقفل أحد أهم مفككات المجتمع المدني على نفسه!!
والتأريخ يعيد نفسه..
فبعض من أبنائنا وبناتنا ومجتمعاتنا يتلقفون أي مخارج خادعة عند أدنى ضائقة اجتماعية أو مالية أو نفسية! وهذه الأصوات النشاز التي تنجح في استدراج هذه أو ذاك ليس هدفهم الشخص ذاته، بل هي محاولات -فاشلة بحول الله- لغلغلة لبنات جدار الوطن ومن ثم هلهلة الجدار بالكامل!! ولن يستطيعوا بإذن الله.

همسة
إلى ملك غسان: “وفر عليك رسائلك ورسلك.. فلن يستجيب لك إلا القاصية.. ويد الله مع الجماعة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى