الوعي المالي في المجتمع
أمل بنت محمد الغضية
كلية الاقتصاد والإدارة
إن الوعي في الأمور المالية يمنح الأشخاص القدرة والثقة لاتخاذ القرارات المالية، وامتلاك المهارات اللازمة لاختيار وسيلة من وسائل الاستثمار أو خيارات الاستثمار المدروسة التي تقود إلى النمو وتحسن الأوضاع المالية، إما للأفراد “على المستوى الشخصي”، أو “على المستوى المهني” وكذلك المجتمع كافة، إضافة إلى ذلك القدرة على تقييم المخاطر المصاحبة لقرارات استثمار الأموال، واقتناص الفرص الاستثمارية المناسبة، كما أن الوعي المالي ليس مقتصراً على سُبل الاستثمار فحسب، بل على الإنفاق أيضا.
إن الوعي المالي له دور كبير جداً في استقرار الأفراد والمجتمع كافة. فمن المؤسف أن الوعي المالي لدى الأفراد في المجتمع متدنٍّ جداً، حيث إنه من غير الصائب الاعتماد في المصروفات على الدخل فقط! فنحن في غالبيتنا نصرف فقط من الدخل أو من الاعتماد على ما تقدمه الدولة من إعانات ومنح، كما أن نسبة كبيرة من أفراد المجتمع تكبدها القروض فتزيد نسبة ما لديهم من التزامات أو مصروفات مع ثبات الموارد المالية في المقابل.
فالحل لذلك أن تكون هناك مصادر دخل متعددة، كذلك الحرص على الادخار والاستثمار، كما يجب أن نقتصد أيضا في نفقاتنا أي “يجب أن تكون هناك ثقافة ووعي مالي”، وإنه من المهم أن يكون لدى الأفراد استقلال مالي وكرامة مالية، فالاستقلال المالي ينتج من خلال وضع المبادئ المالية السليمة وإدارة النفقات اليومية والديون، والأهم من ذلك هو من خلال تقدير وإعداد الميزانية، سواء كانت شهرية، سنوية أو غير ذلك والادخار واستثمار الموارد المالية بدلاً عن تجميدها.
أما بالنسبة للكرامة المالية فينتج عنها حياة مستقرة ترضي الفرد وتحقق له أحلامه وتطلعاته، فكل من الاستقلال المالي والكرامة المالية يتحققان من خلال المسؤولية المالية، وبناءً على ذلك فالمسؤولية المالية هي صلب مفهوم الوعي المالي، لذا يجب تنميتها لبيان أهميتها لدى جميع أفراد المجتمع، متضمنةً الفئات العمرية بجميع مستوياتها، ابتداءً من الأطفال حتى البالغين وكبار السن.
وسنذكر بعض الوسائل التي يمكن من خلالها تنمية المسؤولية المالية:
وضع أهداف لاستخدام الأموال.
إعداد ميزانية تقديرية.
مقارنة الأسعار قبل إتمام عملية الشراء.
معرفة السوق.
الادخار قدر الإمكان.
البعد عن عادات الإنفاق غير المدروسة.
ترقب وإدراك الفرص الاستثمارية.
ختامًا، يمكن القول إنه لا مانع من الإنفاق المدروس أو المخطط من غير إسراف أو تبذير قوله عز وجل: (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) [الإسراء: 26-27]
أي أن التوسط في نفقاتنا هو خير الأمور قوله تعالى: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) [الإسراء:29]
كما الوعي بتطبيق قرارات مالية مدروسة ومناسبة ستمنحك القوة في القدرة المالية للاستفادة من الحياة إلى أبعد مدى. فالوعي المالي يعد وسيلة لتحويل الأحلام إلى حقيقة، كما يقودنا إلى النمو والازدهار.