تنمية التفكير بين المدارسة والممارسة
د. عبدالله بن محمد الغدوني
أمين المجلس العلمي
من أجل النعم التي أنعم الله بها على الإنسان هي نعمة العقل، ولهذا تضافرت النصوص في علو مكانة العقل، وتوجيه الخطاب للعقلاء والدعوة للتأمل والتفكير والتحذير من التقليد والاتباع الأعمى تجنباً للوقوع في فخ “الإمعة”، ولهذا جعلت الشريعة الإسلامية العقل مناطاً للتكليف فلا مؤاخذة على مسلوب نعمة العقل.
والدعوة للتفكير وتنميته من خلال المنهج المدرسي واللقاءات الجامعية أحد متطلبات العملية التعليمية، والمتأمل لحركة التفكير وتنميته يلاحظ أن من سلبياتها الممتدة وقوعها إما في دائرة المدارسة أو دائرة الممارسة، حيث يغلب على بعض البرامج والمشاريع توقفها على الجوانب النظرية وعدم تجاوزها منطقة المدارسة، ولاشك بأن التفكير لا يمكن الوثوق به إلا من خلال النتائج بعيداً عن المنطقة النظرية، كما أن من السلبيات أيضاً القفز إلى منطقة الممارسة بعيداً عن صحة المقدمات المعرفية مما يفقد نتائج التفكير قوة الموثوقية وصحتها.
ولهذا يتأكد على المحاضن التربوية والبرامج الجامعية أن تحقق عملية تنمية التفكير لدى المتعلمين وفق أعلى المستويات في جوانبها النظرية والعملية وأن تنعكس تلك العملية على فكر وسلوك المتعلمين، وعدم الاقتصار على تنمية مهارات التفكير المنتجة للابتكار بأشكاله الحسية فهي مع ثمرتها وأهميتها إلا أن النواتج الفكرية المعنوية تعد أحد مجالات الابتكار المهمة من خلال مهارات التفكير الناقد وغيره، فالممارس للتفكير السليم في مأمن فكري وأخلاقي وسلوكي.