الجامعة تستضيف وحدات الوعي الفكري بالجامعات لبحث سبل تصحيح المفاهيم وتشكيل الوعي لدى الطلاب
«الداود»: جهات خارجية تحاول أن تغذي الشباب بالأفكار المتطرفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي
“الداود”: اللقاء يسعى لتقديم رسالة وطنية والطلاب والأساتذة ينتظرون منه الشيء الكثير
أبا الخيل: خطورة الفكر الذرائعي تكمن في مغازلة احتياجات الناس لنقض أصل عظيم هو البيعة الشرعية
الضالع: من الواجب تفعيل طرق التوعية مثل السينما المنضبطة والكوميديا الهادفة ونقد الأفكار المتطرفة
أكد معالي الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن حمد الداود مدير الجامعة، على وجود جهات خارجية تحاول أن تغذي الشباب بالأفكار المغلوطة أو المتطرفة، مشيرًا إلى أن الجامعة قد واجهت هجمة شرسة عندما أقامت مؤتمرا حول الصحوة، من أناس يخافون كشفهم وهم يعرفون الحقيقة ومدركون لما يفعلون، وأناس آخرون يخشون أن المؤتمر سيحارب الدين والعقيدة، ولكن المؤتمر هزمهم بالنهاية، وكان من أنير المؤتمرات لدوره المفصلي في كثير من الأمور المشكلة على الناس.
وأشار “الداود” خلال استقباله المشاركين في “برامج وحدات الوعي الفكري في الجامعات السعودية.. الآمال والتحديات”، يوم الثلاثاء الموافق 12/3/1440هـ، إلى أن الجامعة قد قامت بخطوة مهمة في مشروع الثقافة الإسلامية والتي كانت تحتاج إعادة نظر وقمنا بها، فهناك بعض المقررات الدراسية عليها ملاحظات كثيرة، وقد أدركت الجامعة هذا الأمر وأعادت صياغتها كاملة، وهي مقررات ملزمة لجميع الطلاب وستنتهي الفصل القادم، بمشيئة الله.
ورحب “الداود” بالمشاركين في فعاليات اللقاء الأول الذي يجمع منسوبي وحدات الوعي الفكري من كافة الجامعات السعودية، مؤكدا أن جامعة القصيم تسعد بأن تحظى بشرف البداية لمثل هذه اللقاءات، كما تناول في كلمته أهم القضايا والهموم التي تشغل الوحدات الفكرية، التي أنشئت بقرار من معالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى في كل جامعة، وما يجب أن تقوم به من دور في خدمة شباب الوطن، موضحا أن التحديات كبيرة، ولهذا فإن هذا اللقاء لا يجب أن يكون روتينيا أو شكليا، ولكن من المهم أن نخرج بتوصيات جيدة، ونخرج من دائرة التنظير، لأننا نحتاج للجانب العملي.
وأكد “الداود” على أن هذا اللقاء يعقد لتقديم رسالة وطنية، وينتظر الطلاب والأساتذة منه الشيء الكثير، منوها إلى أهمية الخروج بمقترحات لكافة مراحل التعليم العام والذي هو امتداد للتعليم الجامعي، حيث إن التأثير على الطفل هو أفضل بكثير من التأثير على شاب في 20 من عمره، ومؤكدا على الرغبة في التقدم بخطوة جريئة هذا الموضوع، كي نصحح ما لديهم والذي سينعكس عليهم إيجابا، ونوضح الصورة الصحيحة والفكر المعتدل لمن لديه شك في هذه الأمور، فالجامعات منوطة بها مسألة الفكر، والطلاب والطالبات يحتاجون لدور الجامعات في توضيح المسائل المهمة لهذه الفئات العمرية التي هي من أخطر المراحل التي يتشكل فيها وعي الفرد وثقافته، ولا يخفى على الجميع الهجمة الشرسة التي توجهها بعض الجهات إلى المملكة، وهذه الجهات لن تستهدف الأكاديمي أو الدكتور، بل يتوجهون للطلاب.
وقال الداود: “إننا رصدنا في إحدى المرات هاشتاقا على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” يوجه انتقادات ضدنا، فقمنا بتحليله ووجدنا 75% من المشاركين فيه من خارج المملكة، وأغلبهم من دول إيران وقطر وسورية والبرازيل والعراق وأمريكا، ويتحدثون وكأنهم طلاب بالجامعات، متمنيا من الإعلام إيضاح دوره في جانب الهجمات الشرسة، لأن هذه البلاد مستهدفة، ونحن في نعم لا يعلمها إلا الله، فاللحمة بيننا وبين قيادتنا والاتصال القوي بين القيادة والشعب يغيظهم، وما زيارة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين للمنطقة إلا دليل على تلاحم القيادة والشعب، والجميع عبر عن مشاعره بكل حفاوة واحتفاء”.
وأردف “الداود” إن زيارة خادم الحرمين الشريفين للمناطق ليست لجمع أصوات أو انتخابات مثل باقي الدول، فنحن -ولله الحمد- لدينا الأصوات مكتسبة منذ عهد الملك المؤسس بإيمان صادق وعقيدة صادقة، وكلنا شاهدنا سمو ولي العهد يقود سيارته بنفسه ويزور الأهالي بالمنطقة، متمنيا بأن يخرج هذا اللقاء بعمل مميز على أرض الواقع.
وقال “الداود” وهو أحد أعضاء لجنة الوعي الفكري بالوزارة والتي يرأسها الوزير، إنه اطلع على الخطة الإستراتيجية للجنة وهي جيدة جدا ومتفائل بتطبيقها، ولكن الحمل والدور الأكبر علينا بالجامعات، متمنيا أن ينعكس هذا اللقاء على وطننا وجامعاتنا بالخير والوعي، وأن يديم الله علينا نعم الأمن والأمان.
وبعد ذلك عُقدت الجلسة الأولى بعنوان “برامج وحدات الوعي الفكري في الجامعات: العقبات والتحديات”، والتي تحدث فيها المشرف على وحدة الوعي الفكري بالجامعة، عميد كلية الشريعة الدكتور خالد بن عبدالعزيز أبا الخيل، عن أبرز مضامين الجلسة، والتي تناولت محورين رئيسيين الأول هو التحديات والطموح، مؤكدًا أن المقصود الحقيقي من هذه الورشة أن نصل إلى الطالب، والتعرف على كيفية أن نصل إلى عقل الطالب ونؤثر به تأثيرا إيجابيا، بعيدًا عن محاولة استفزاز هذا الطالب ومحاولة إقناعه بطريقة غير علمية، كما نريد من هذا المحور أن نصل إلى عقله ونحاول أن نجعل الطالب يشتغل معنا في بناء هذا الفكر، ولا يكون مستقبلا فقط غير مرسل، وأن يعمل معنا بشكل فعال، وأن يكون الطالب إحدى اللبنات المؤسسة لبناء التوعية الفكرية بالجامعات.
وأوضح “أبا الخيل أن هذا البرنامج يأتي بمشاركة 28 جامعة، بالإضافة إلى مشاركة إدارة مكافحة التطرف بأمن الدولة، ومجموعة من الوفد المرافق لهم، كما يشارك فيه المشرف العام على مركز الوعي الفكري بوزارة التعليم الدكتور مرزوق والوفد المرافق له، وذلك بهدف صناعة وعي جيد لدى الطلاب والطالبات في كافة مراحل التعليم، بما يمكنهم من تحمل المسئولية والقيام بدورهم بشكل صحيح.
وجاءت الجلسة الثانية بعنوان “برامج وحدات الوعي الفكري في الجامعات فرص وآمال”، حيث تحدث المشرف المساعد لوحدة الوعي الفكري بالجامعة الدكتور فهد الضالع عن إمكانية طرح العديد من الأفكار من خلال التجربة أو المقترحات المتوقع نجاحها، وذلك من خلال برامج متخصصة، والتأمل فيما يستخدمه الآخرون من وسائل للتأثير في الطلاب، والتعامل معها بطريقة عكسية لصد هذه الهجمات الموجهة إلى عقول النشء.
وأشار “الضالع” إلى أهمية طرح الأفكار لغرس الأفكار والمفاهيم الضرورية في المقررات الدراسية كلها، وكذلك تفعيل وسائل التواصل التي يرتادها الشباب ويتفاعلون معها ومن خلالها، مؤكدا أن استثمار الأشخاص المؤثرين في السوشيال ميديا يعتبر من الفرص المهمة في هذا الإطار، فضلا عن تفعيل دورات لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية، وعدم الاستغراق بالتنظير البعيد عن الواقع، بالإضافة إلى محاكاة الواقع الفعلي في الفئات المستهدفة، وتفعيل قدرات الطلاب كون الطالب هو أفضل من يؤثر في زميله الطالب.
وعقدت الجلسة الثالثة تحت عنوان “برامج إبداعية لتعزيز منهج الوسطية والاعتدال”، وأوضح “الضالع” أن هذه الجلسة شهدت تفاعل المشاركين معها بالعديد من الأفكار التي تعبر عن طروحات جميلة للتأثير على الطلاب، ومن الأمثلة على ذلك تفعيل برنامج لزيارة الرموز الوطنية مثل الأمراء والعلماء وصياغة المسابقات المبنية على زيارات الطلاب، كما شدد المشاركون على تفعيل استهدافات الشباب مثل السينما المنضبطة، وصياغة الرسائل التي يستعملها الشباب، خصوصا تلك الرسائل الكوميدية أو الفكاهية التي فيها إسقاطات لنقد الأفكار المتطرفة، وتعزيز الأفكار السليمة المعتدلة الوسطية، مشيرًا إلى أن وحدة الوعي الفكري بجامعة القصيم قد طرحت فكرة “جوال صواب” وهي عبارة عن هاتف يتفاعل مع أي اتصال للمناقشة والمحاورة واستجلاء الحقيقة بين شبهات الأفكار المضللة، ومن الاقتراحات الإبداعية إبراز المنتج السعودي مثل قيامها بخدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وكسوة الكعبة، ومصنع الملك فهد وغيرها العديد.
وفي الجلسة الرابعة والتي جاءت بعنوان “دور برامج وحدات الوعي في مواجهة خطاب العنف: – خطاب الحركي الحزبي، – خطاب العنف الذرائعي، – شعارات الحقوق نموذجا”، والتي أدارها الدكتور خالد أبا الخيل، وأكد أنها خصصت لموضوع من أهم الموضوعات على مستوى كيفية مواجهة خطاب العنف، ففي الجزء الأول من النقاش تناول المجتمعون خطاب العنف الحركي وخطورة تغلغله بين الشباب.
وأشار مدير الجلسة أثناء تقديمه لهذا المحور إلى أن خطورة هذا الفكر لا تأتي من كونه يقود إلى العنف بشكل مباشر وحينها يمكن كشفه وتعريته، وإنما من جهة كونه يمهد للعنف ويؤسس له ويمنحه القابلية للتمدد في مساحة أوسع، وذلك لأنه باختصار يلغي مفهوم الدولة ويستبدله بالفئة والجماعة والحزب.. وأحيانا يتذرع لهذا الإلغاء بمصطلح الأمة، عبر توظيف هذا المصطلح توظيفا فاسدا، مبينا أن النتيجة المنطقية لمن تأثر بهذا الفكر هي هشاشة ورخاوة الدولة في عيونهم، والشعور الدائم بالمظلومية معها وفي كنفها، والاستعداد المستمر لتلقي جميع الشائعات تجاهها، واستقبال جميع الأخبار المعادية التي توهن من أركانها وتطعن في قادتها.. وهذه هي الخطورة الحقيقية فعلا.
وأكد “أبا الخيل” أن المجتمعين أوصوا بضرورة تخصيص برامج لإبراز خطورة الفكر الحزبي، خاصة فكر جماعة الإخوان التي تعد الأم لكل الحركات الحزبية المتأسلمة في العالم.
أما الجزء الثاني من محور مواجهة خطاب العنف فهو الخطاب الذرائعي: شعارات الحقوق نموذجا.. فكان في غاية الأهمية وقد تناول المجتمعون هذا المحور، حيث أكد في البداية سعادة مدير الورشة أن هذا الخطاب يتم ترويجه على مستوى عال، خاصة بين طلابنا المبتعثين في الخارج، لكن بحمد الله فطلابنا لديهم القدرة على التصدي لهذه الأفكار.. ولكن الخطورة في هذا الفكر أنه إن صحت العبارة يغازل احتياجات الإنسان الفطرية كالحقوق المالية وحرية الرأي وحرية التصرف، ويتم توظيفها لنقض أصل عظيم وهو البيعة الشرعية، بل هو يهدم من أساسه، فمثلا يروج سدنة هذا الخطاب مقولة “إن الحقوق تنتزع ولا توهب”، وهذه المقولة الفاسدة تم استيرادها من الفلسفات الثورية من خارج الحدود.. بينما المنهج الشرعي في التعامل مع الحقوق تجاه الحاكم هي سؤالها بالطريقة الشرعية الصحيحة، وعند تعذرها فلا خيار للإنسان إلا الصبر، وعلى المسلم في حالة تعذر هذه الحقوق أن يؤدي الحق المشروع تجاه الحاكم من السمع والطاعة، وهذا ظاهر جدا بنص حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين من حديث ابن مسعود:
قال: (إنها ستكون بعدي أثَرة وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا؟، قال: تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم)
وأوصى المجتمعون بأن يتم تخصيص حلقات توعوية مستمرة عن فقه البيعة واستحقاقات الولاية لمواجهة هذا الفكر الخطير.