تعليم

تدويل التعليم في ماليزيا

بقلم: البروفيسور “حضرة جميل”
مدير معهد أبحاث التعليم العالي الوطني في ماليزيا
“مجلة التعليم العالي في جنوب شرق آسيا”

تهدف ماليزيا إلى أن تكون حاضنة للإبداع والتعليم العالي ووجهة مفضلة للطلاب الدوليين بحلول 2025، ولهذا وضعت خطة التعليم الماليزي 2015-2025 من أجل وضع لبنات الثقة لدى الطلاب في المرود العلمي الذي سيقطفون ثماره، سواء من حيث جودة التعليم، أو تلقي خبرات ثقافية غنية بمحتواها وتجاربها.
تحتضن ماليزيا الآن 135,502 طالب من 160 دولة وأعدها اليونسكو تاسع الدول عالميا من حيث تنقل الطلاب الدوليين حسب إحصائيات عام 2014. ويرجع السبب الرئيس في زيادة عدد الطلاب إلى انخفاض تكلفة المعيشة والرسوم المنخفضة، حيث تبلغ الرسوم الدراسية السنوية 2800 دولار أميركي، في حين أن الدراسة في المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة تبلغ 27 ألف دولار.
وفي دراستنا هذه قمنا بدراسة حالة لجامعة أهلية وأخرى عامة من أجل معرفة المزيد عن السياسات والمبادرات في مجال تدويل التعليم العالي.

ضمان الجودة
إن البرامج التي تقدمها الجامعات الأهلية في ماليزيا تعتمدها الجامعات الدولية الشريكة لها، بمعنى أنها تفي بشروط ومتطلبات المحتوى والجودة، بالإضافة إلى أن تلك الجامعات لديها برامج توأمة يستطيع الطلاب من خلالها قضاء عام كامل لدراسة مناهج محددة في الخارج من أصل ثلاثة أو أربعة أعوام أكاديمية. ولهذا تعد تكلفة البرنامج أقل من نظيره إذا ما قضى الطالب الأربعة أعوام جلها في الخارج.
أما بالنسبة للبرامج الأكاديمية وتبادل الطلاب في الجامعات العامة فهي مختلفة بشكل جوهري، لأنه بدلا من وجود شركاء أجانب تتحصل الجامعات على اعتماد دولي لبعض برامجها؛ فعلي سبيل المثال كلية التربية في الجامعة العامة معتمدة من مجلس اعتماد مدرسي التربية في الولايات المتحدة الأميركية (TEAC).
ولهذا يستطيع الطلاب بعد التخرج من كلية التربية العمل في أي دولة في العالم تعترف بمجلس اعتماد مدرسي التربية في الولايات المتحدة الأميركية، ومن ثم يستطيع الطلاب التنقل في العمل بعد التخرج أيضا. وكذلك توجد بعض البرامج الخاصة بكلية اللغات مثل تعيين أساتذة من الخارج من أهل اللغة لديها.

الأبحاث
للأسف تعتبر الأبحاث حبرا على ورق سواء في الجامعات الأهلية أو العامة؛ حيث لا تتعدى كونها مذكرة تفاهم فحسب، وتحاول الجامعات سواء الأهلية أو الحكومية دعم العلاقات مع المؤسسات الأجنبية بطرق أخرى من خلال مؤتمرات مشتركة في تايلاند أو إندونيسيا.
ممارسات تدويل التعليم العالي
تهتم الجامعات الخاصة في ماليزيا بضبط الجودة، مستغلة في ذلك علاقاتها الجيدة بالمؤسسات الدولية المعنية التي تعتمد البرامج التي تدرسها.
أما الجامعات العامة فتأتي باعتماد من جهات دولية وبرامج تبادل الطلاب، والتي تعد ذات جدوى من حيث التكلفة مقارنة بإرسال الطلاب لمدة عام كامل، حيث إنها أظهرت ممارسة طيبة في تحسين جودة التعليم من منظور التعرض لبيئة تعليمية دولية.
ولهذا رأت الجامعة الأهلية استضافة فروع للجامعات الدولية لتعمل في أراضيها، وحتى الآن يوجد في ماليزيا تسع جامعات تطبق سياسات ومعايير ماليزيا التعليمية، ومن المخطط له أن تستقطب تلك الفروع الدولية للجامعات العالمية طلابا من داخل وخارج ماليزيا، فضلا عن توافر عنصر الخبرة الدولية للطلاب المحليين أو الدوليين.
وتعمل الجامعات الدولية أيضا على تغيير إستراتيجيتها التربوية التعليمية من خلال تبني مناهج دولية، مثل تقليل زمن المحاضرة، وزيادة زمن حل المشكلات، ولهذا تتولى لجنة معايرة البرامج مهمة الانسجام التام بين البرامج الدولية والمحلية حتى يتسنى للطلاب التحويل من الجامعة لأي جامعة دولية أخرى.

التوصيات:
من أجل زيادة المنافع من وراء تدويل التعليم لصالح الطلاب، أطلق “بأول كراوثر” مصطلح تدويل التعليم في الوطن في عام 2001  مع آخرين، يوضح أن المؤسسات التعليمية عليها زيادة نسبة عدد الطلاب الدوليين وعليها تنويع قائمة الدول التي ترسل طلابها لأراضيها.
والأكثر أهمية في هذه النقطة تكامل الطلاب الدوليين مع الطلاب المحليين من أجل أن يتعلم الطلاب من تجربة الدراسة في بيئة ماليزيا الجامعية.
فالتعليم والتعلم يمكن أن يحدث عن طريق العديد من الأنشطة مثل الأدب المقارن الدولي، واستضافة متحدثين من شركات محلية أو شركات دولية أو جامعات دولية شريكة، أو إجراء دراسة حالة دولية، أو التعاون عبر الإنترنت.
وتدويل التعليم في الوطن ليس هدفا في ذاته؛ بل مجموعة من الأنشطة والأدوات لتطوير التفاعل الدولي والحضاري بين الطلاب في نفس الدولة، دون أن يقتصر على تدريس البرامج الدولية باللغة الإنجليزية فحسب، لأنه ببساطة لا يشترط وجود طلاب دوليين، وإن كان وجودهم ميزة في حد ذاته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى