تغطيات

الجامعة تقيم مؤتمرا لتفعيل دور البحث العلمي في بناء الاقتصاد المعرفي بالمملكة.. مدير الجامعة: الاقتصاد المعرفي هو الركيزة الأساسية للإنتاج والتطوير

«الداود»: الجامعة ستواصل جهودها حتى نصل إلى مراحل متقدمة من البحث العلمي نقارع بها من سبقنا
عضو مجلس الشورى «آل عباس»: تعزيز مكانة البحث العلمي يسهم في تطوير رأس المال البشري والاستثمار فيه
السعوي: إذا كان القرن العشرون هو قرن الصناعة.. فإن القرن الحادي والعشرين هو بلا شك قرن المعرفة
الهدلق: وزارة التعليم تتبنى برنامجا طموحا لدعم البحث العلمي والتطوير في الجامعات
العقيلي: التعاون الأكاديمي الصناعي يولد بيئة معرفية تقوم على الابتكار والإبداع ويضاعف الناتج الإجمالي
العقيلي: التعاون الأكاديمي الصناعي يولد بيئة معرفية تقوم على الابتكار والإبداع ويضاعف الناتج الإجمالي
العامري: الشراكة بين الجامعات والصناعة تحدد آليات تسويق البحوث لبناء الاقتصاد المعرفي
عثمان: إدارة العلم والابتكار والبحث وتحسين قدرات البشر تسهم في زيادة رأس المال البشري والاجتماعي
الزعبي: الاهتمام بقطاع العلوم والتكنولوجيا والابتكار في الدول العربية ضرورة للتنمية وخلق فرص عمل

مؤتمر «نحو بحث علمي فاعل في بناء الاقتصاد المعرفي» يختتم أعماله بجامعة القصيم
الاقتصاد المعرفي يسهم في اقتصادات الدول المتقدمة بنحو 50 % من نسبة النمو في تلك الدول

أكد معالي الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن حمد الداود مدير الجامعة أن الجامعات في المملكة العربية السعودية منوطة بتقديم كل ما يطور جانب الاقتصاد المعرفي الذي يعد الركيزة الأساسية لزيادة الإنتاج والتطور، خاصة في ظل الدعم الكبير الذي تتلقاه الجامعات من القيادة الرشيدة من قبل خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، حفظهما الله.

وأضاف «الداود» خلال رعايته مؤتمر «نحو بحث علمي فاعل في بناء الاقتصاد المعرفي» الذي انطلق يوم الأربعاء الماضي، بالمدينة الجامعية بالمليداء لمدة يومين، بمشاركة 13 متخصصاً من جامعات ومراكز بحثية متعددة من داخل المملكة وخارجها، أن الجامعات هي محط ومحور مناقشة مثل هذه الموضوعات، مشيراً إلى أهمية فهم الطلاب المتخصصين في برامج مختلفة بالدراسات العليا لأهمية دورهم في تنمية وتعزيز ومستقبل البحث العلمي في بلادنا.
كما أكد «الداود» أن إقامة هذا المؤتمر وانعقاده في جامعة القصيم يأتي حرصاً من وكالة الجامعة للدراسات والبحث العلمي، والمتخصصين في كليات ومراكز الأبحاث بالجامعة، على تفعيل هذا المحور الذي نصت عليه رؤية المملكة، وتفعيل هذا المصطلح للاقتصاد المعرفي، ليس فقط بالحديث والاجتماعات والمؤتمرات، وإنما أيضا يجب علينا أن نخرج بهذه الأبحاث والتجارب من الجامعات إلى مرحلة الإنتاج، ومن بعده مرحلة التطوير ثم التشجيع.
وأضاف «الداود» أن الجامعة لن تقف عند عقد هذا المؤتمر، بل ستتلوه مؤتمرات ومناسبات، حتى نحتفل -بإذن الله- بزيادة وتنوع الإنتاج الذي نسعى إليه جميعاً على مستوى الجامعات، خاصة أن الوطن بحاجة إلى بحث هذا الأمر وتفعيله وتطويره، مقدماً الشكر لكل من حضر وشارك وعمل لإنجاح هذا المؤتمر، وعلى الاهتمام بهذا الموضوع، مؤكدا أن الجامعة ستواصل هذه الجهود -بإذن الله- حتى نصل الى مراحل متقدمة من البحث العلمي نقارع بها من سبقنا في هذا المجال، مؤكداً على أهمية حضور الطلاب، خصوصاً طلاب الدراسات العليا لمثل هذه الندوات والمؤتمرات، مما سينعكس إيجاباً على أدائهم، وعلى الوطن في تنميته الشاملة، داعياً الله للجميع التوفيق والسداد.
من جهته، أكد الدكتور أحمد التركي وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر، أنه لا يخفى الجميع أن البحث العلمي الموجه هو الأساس الذي يبنى عليه الاقتصاد المعرفي، وهو الذي يقوم بتحويل المعرفة إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية قد تفوق قيمة الثروات الطبيعية، ولهذا فقد كان لزاما على الجامعات ومراكز الأبحاث في المملكة العربية السعودية أن تسعى لتوجيه أولويات البحث العلمي إلى أبحاث تطبيقية تنتهي بمنتجات قابلة للتطوير ثم التسويق، للإسهام في بناء اقتصاد مبني على المعرفة، والذي يعد أحد التطلعات الأساسية التي أكدت عليها أكثر من مرة رؤية المملكة 2030.
وأوضح «التركي» أنه من أبرز الأمثلة القائمة على الاقتصاد المعرفي في العالم ما فعلته شركة «أبل»، التي صنعت من مواد خامة رخيصة كالزجاج والبلاستك والنحاس أجهزة الهواتف الذكية والتي تباع بآلاف الدولارات، حيث تجاوز دخل هذه الشركة شركات العالم في مجالات النفط والغاز والسيارات والعقارات، مشيرًا إلى أنه من هذا المنطلق وتحقيقا لهذه الرؤية فقد رغبت جامعة القصيم في تنظيم هذا المؤتمر بهدف الاستفادة من هذه التجارب وتوجيه الأبحاث العملية بالجامعات نحو اقتصاد معرفي، وإلى تحديد المعوقات والتحديات أمام البحث العملي نحو التحول إلى منتجات قابلة للتسويق.
وأضاف «التركي» أن المؤتمر يهدف أيضا إلى تحديد المعوقات والتحديات في هذا المجال، وإلى تفعيل الفرص التي تسهم في بناء الاقتصاد المعرفي، والاستفادة من التجارب الناجحة في العالم العربي والدولي في هذا المجال، حيث شمل المؤتمر محاور مختلفة من أهمها متطلبات الاقتصاد المعرفي والمعوقات والتحديات والمجالات والفرص، بالإضافة إلى الممارسات الناجحة والتجارب المضيئة، وحظي المؤتمر بموافقة 13 باحثا ممن لديهم الخبرة والدراية والأبحاث العلمية في مجال المؤتمر من بعض الجامعات السعودية.

وألقى الدكتور محمد بن عبدالله آل عباس، عضو مجلس الشورى، كلمة المشاركين والتي أكد فيها على أن علم الاقتصاد لا يزال مليئا بالأسرار والأفكار المتجددة والتحديات الكثيرة، مقتبسا مقولة لأحد الكتاب الاقتصاديين العالميين مفادها: «بأن الاقتصاد كما نعرفه اليوم لم يكن ليبقى لو أن التنبؤات الاقتصادية كانت صحيحة، بل إن الاقتصاد كما نعرفه اليوم قد جاء نتيجة لأخطاء الاقتصاديين أكثر من تنبؤاتهم الصحيحة»، مشيرًا إلى أن الأحداث الاقتصادية الهائلة التي مرت خلال القرون الماضية لم يكن بالإمكان التنبؤ بها بدقة، بل في أحيان كثيرة لم يكن بالإمكان التنظير لها، ومع ذلك فإن الكثير من الوقائع الاقتصادية كما نراها اليوم قد جاءت نتيجة لها.

ورأى «آل عباس» أن العالم يمر اليوم -ونحن معه- بالثورة الصناعية الرابعة وهي المرحلة التي تشهد اختراق التكنولوجيا للحياة الإنسانية كلها، وتظهر فيها الروبوتات والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النانو، والطباعة ثلاثية الأبعاد لتقودنا نحو تغيرات كبيرة في أنظمة الإنتاج والإدارة، ومع ذلك فإن هذا الاختراق الضخم بالكاد تم التنظير له وتقيم آثاره على المجتمعات، منوها إلى أن رؤيتنا 2030 يظهر فيها الاهتمام الرئيس بإحداث نقلة نوعية إستراتيجية تتواكب مع هذا العصر التقني، مشيرا إلى الخطاب السنوي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- والذي ألقاه في مجلس الشورى قبل عدة أيام، وأشار فيه إلى أهمية تطوير الكوادر البشرية لمقابلة هذه التحولات.
وأكد «آل عباس» على أهمية الاستثمار الفعال برأس المال البشري، وإدراك أن تطوير رأس المال البشري والاستثمار فيه يتطلب العديد من الإجراءات لتعزيز مكانة العلم والبحث العلمي، فالاستثمار بالمعرفة بشكل عام هي مسألة أكبر من الاستثمار برأس المال البشري، مبينا أن هذا ما أكده وزير المالية السعودي في اجتماعه مع صندوق النقل الدولي عندما أكد على أهمية بناء القدرات التي تؤدي إلى بناء التقنيات المتقدمة من قبل الحكومات والأفراد بشكل عام، وتطرق إلى أهمية التقنية في تعزيز الشمول المالي عالميا، مع تأكيد أهمية الاستفادة من هذه الأداة لتعزيز النمو الاقتصادي وتطوير الأسواق المالية وتحقيق التنمية المستدامة»، فالاستثمار بالمعرفة يعني الاستثمار بالتقنية وبالعقول التي تطبق هذه التقنية، والتوازن هنا هو المحك.
اختتم مؤتمر «نحو بحث علمي فاعل في بناء الاقتصاد المعرفي»، الذي نظمته جامعة القصيم أعماله التي استمرت على مدى يومي الأربعاء والخميس الموافقين 20-21/3/1440هـ، بمقر المدينة الجامعية بالمليداء، حيث عرض 13 متخصصاً من جامعات ومراكز بحثية متعددة من داخل المملكة وخارجها، أوراقهم البحثية خلال جلسات المؤتمر، وطرحوا فيها العديد من الأفكار التي تتضمنها أبحاثهم ودراساتهم ومناقشة نتائجها، وكيفية تطوير البحث العلمي بالمملكة والاستفادة من مخرجاته في بناء اقتصاد قائم على المعرفة.
وقد شهدت جلسات المؤتمر نقاشات وحوارات علمية بين المتخصصين والمهتمين والحضور للتعرف على أفضل الطرق للربط بين الباحثين والعلماء من جهة والمسؤولين وأصحاب المشاريع من جهة أخرى، كما تناولت العديد من الأفكار والمقترحات التي قد تسهم في تنمية وتقدم المملكة وتحقيق رؤيتها لعام 2030م، حيث جاءت الجلسات على النحو الآتي:

جلسات اليوم الأول
بدأت الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور محمد السعوي وكيل جامعة القصيم، بترحيبه بالمشاركين في هذا المؤتمر، داعياً الله أن يكلله بالنجاح والسداد والتوفيق، مؤكدًا أن القرن العشرين كان يسمى بقرن الصناعة، أما القرن الحادي والعشرون فهو بلا شك قرن المعرفة لأن سمته مبنية على المعرفة، وهذا يعني أن مجتمعات الغد مبنية عليه، ففي الماضي كانت الأرض والعمالة ورأس المال هي أساس الاقتصاد، أما الآن فقد دخل دخيل جديد وهو المعرفة القائمة على الموارد البشرية وتنمية العنصر البشري، القائم على الإبداع والذكاء.
كما تحدث خلال الجلسة المشرف العام على مكتب البحث والتطوير في وزارة التعليم الدكتور هشام بن عبدالعزيز الهدلق، عن ورقته العلمية التي قدمها بعنوان «برنامج البحث والتطوير في وزارة التعليم والدور الريادي للجامعات»، مؤكداً أن وزارة التعليم قامت بتبني برنامج طموح يهدف إلى دعم البحث العلمي والتطوير في الجامعات، كما تم التطرق إلى التعريف برسالة وأهداف برنامج البحث والتطوير، والتأكيد على التنسيق والتكامل بين القطاعين الحكومي والخاص والجامعات في منظومة البحث والتطوير لتحقيق رؤية المملكة 2030م، وتم استعراض التحديات التي تواجه قطاع البحث والتطوير، والتأكيد على عوامل النجاح من خلال المنافسة وتبني التوجهات الوطنية ذات الأولويّة وإدارة الأداء وتمويل البحث والتطوير لضمان النجاح واستدامة العمل.
من جهته، استعرض الدكتور ناصر بن محمد العقيلي وكيل جامعة الملك فهد للبترول والمعادن للدراسات العليا والبحث العلمي ورقته بعنوان «البحث والابتكار الجامعي ومتطلبات خلق اقتصاد مبني على المعرفة في المملكة»، مشيرًا إلى أنه يعتبر البحث والابتكار حاجة ملحة للتحول الاقتصادي وأحد أهم السبل التي تقود إلى التحولات الاقتصادية، وأحد العوامل المهمة في تحقيق رؤية المملكة، لأنه عند النظر إلى الاقتصاد القائم على الموارد الطبيعية التقليدية يلاحظ أنه عادة يعتمد على عمالة ذات أجور وحرفية منخفضين، وتبدو مناطق الابتكار معزولة عن الصناعة والأعمال، كما يلاحظ غياب الاتصال الفعال بين مناطق الابتكار، ولتحقيق اقتصاد مزدهر ذي نمو مستدام يجب القيام بمبادرات تقوم على تعاون أكاديمي صناعي من شأنه أن يولد بيئة معرفية تقوم على الابتكار والإبداع، وتضاعف الناتج الإجمالي وتقلص الاعتماد على الموارد الطبيعية.
وأشار «العقيلي» إلى أن توليد الوظائف المبنية على المعرفة وتوفير قيادة ذات عقلية ريادية مغامرة من شأنه أن يحقق اقتصادا مزدهرا ذا نمو مستدام، وهنا يأتي دور بناء منظومة وطنية متكاملة للبحث والابتكار، والتي من شأنها أن تسهم في تحويل الأفكار إلى قيم اقتصادية والخروج بالجامعات من مأزق تكدس الأبحاث وعدم مقدرتها على تبرير الصرف تجاه هذه البحوث، دون ربطها بحاجات المجتمعات ومتطلباتها وتوقعاتها.
وتحدث الدكتور أحمد بن سالم العامري، وكيل جامعة الملك سعود للدراسات العليا والبحث العلمي، عن «دور البحث والتطوير في بناء وتعزيز اقتصاد المعرفة»، والذي استعرض خلال طرحه مفهوم ومؤشرات الاقتصاد المعرفي، كما تطرق إلى آليات تسويق البحوث لبناء الاقتصاد المعرفي، بالإضافة إلى ذكر أمثلة على ابتكارات ذات تأثير عالٍ في بناء الاقتصاد المعرفي، مشيرًا إلى دور الجامعات في بناء الاقتصاد المعرفي وإلى أهمية الشراكة بين الجامعات والصناعة في مجال البحث والتطوير ونقل التقنية، كما استعرض البحث تجارب عالمية في تبني البحث والتطوير والابتكار لبناء الاقتصاد المعرفي، مثل التجربة الماليزية نحو الاقتصاد المعرفي الذي يقوده البحث والتطوير والابتكار، وتجربة جامعة MIT ومساهمتها في بناء الاقتصاد المعرفي الأمريكي، كما تطرق البحث إلى مكان المملكة العربية السعودية على الخارطة العالمية وعن الفرص المتاحة للمملكة والتوجهات الإستراتيجية وكذلك المعوقات والتحديات.
وتمت مناقشة عدة أوراق بحثية في الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور إبراهيم بن صالح العمر، وتحدث فيها الدكتور عالم النور عثمان رئيس المنظمة العالمية للتنمية المستدامة في بريطانيا في ورقة «تفعيل البحث العلمي لخدمة الاقتصاد المعرفي المستدام في المملكة العربية السعودية»، مؤكدًا على ضرورة تعزيز دور العلم والابتكار والبحث لأجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر لأجندة 2030م للتنمية المستدامة، وتناول العرض الدور البارز والمستقبلي لمؤسسات التعليم العالي بالمملكة، وكيفية تطوير بحوثها بغرض تحقيق رؤية المملكة 2030، وتحقيق التنمية المستدامة القائمة على المعرفة، وأضاف أن إدارة العلم والابتكار والبحث وتحسين قدرات البشر لزيادة رأس المال البشري والاجتماعي تعتبر من عوامل النجاح التي أصبحت تشكل أهمية قصوى في عملية التنافس بين الأمم، وأن الإدارة الناجحة للعلم والابتكار والبحث تتطلب تبني طرق ومنهجيات جديدة لمواكبة التحديات والفرص في فترة الثورة الرقمية الجديدة والاقتصاد المستدام القائم على المعرفة.
وقدم الدكتور محمد بن عبدالله آل عباس عضو مجلس الشورى في ورقته بعنوان «أدبيات الاقتصاد المعرفي في المملكة نحو بناء مسار بحثي» والذي عرّف خلالها الاقتصاد المعرفي بأنه منتجات وخدمات تعتمد على الأنشطة المعززة بالمعرفة، والتي تسهم في تسريع التطور العلمي والتقني، بالإضافة إلى التقدم المتسارع، حيث يسارع المتحمسون للاقتصاد المعرفي في نشر مفاهيمه، بينما يؤكد المعارضون للمفهوم أنه لا يوجد ما يسمى اقتصاد المعرفة، وأن كل ما نشهده هو مجرد سوق نشطة لبيع التكنولوجيا والمعلومات كسلعة مثل غيرها، وهناك عدد من الدراسات سعت إلى إثبات وجود الاقتصاد المعرفي من خلال مناقشة أدلة وبراهين علمية من بيانات براءة الاختراع، وارتباطها بالارتفاع المفاجئ في إنتاج المعرفة والتوسع في الصناعات الجديدة، كما ناقشت الدراسات هذه التطورات التكنولوجية ودورها في زيادة الإنتاجية، وبالتالي النمو الاقتصادي، وهل الأشكال الجديدة في العمل التي تتضمن استخدام التقنية تؤدي إلى استقلال العمال أو أنها عززت التحكم والسيطرة؟، وهل ظهرت نتائج الاقتصاد المعرفي في التوزيع على شكل عدم المساواة في الأجور والوظائف، ومن خلال دراسة الإنتاج البحثي العالمي والمحلي تبين أن هناك ثلاثة مسارات رئيسية من البحث العلمي في موضوع اقتصاد المعرفة وهي: تتبع الزيادة في الصناعات المرتكزة على العلم ودورها في إحداث التغيير الاقتصادي والاجتماعي، ووجود صناعات معينة للمعرفة ومعززة بالمعرفة، والمسار الثالث يركز على البعد الإداري بالتركيز على التعليم المستمر والابتكار في المنشآت.
وفي ختام الجلسة الثانية تحدث الدكتور منيف رافع الزعبي مدير عام أكاديمية العلوم في الأردن عن ورقته بعنوان «التنمية والريادة من خلال العلم والتكنولوجيا والابتكار في الدول العربية: ملامح مستقبلية»، وقال إنها تظهر الحاجة في الوقت الحاضر، وأكثر من أي وقت مضى إلى ضرورة الاهتمام بقطاع العلوم والتكنولوجيا والابتكار في الدول العربية، كقطاع إستراتيجي له دور مفصلي في تحقيق سياسات التنمية، وبناء اقتصاد متين، بالإضافة إلى دوره في دفع عجلة الابتكار والتطور التكنولوجي، والمساهمة في رفع القدرات التنافسيّة للقطاعات الاقتصادية العربيّة، وخلق فرص عمل لأفواج الخريجين من الجامعات، وضمان انخراط الاقتصادات العربية في دوائرها الإقليمية والعالميّة.
كما تناولت الورقة بإيجاز، معالجة ناقدة للنظام البيئي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار في الدول العربيّة من ناحية السياسات والمؤسسات والتشريعات، ومن ثم تعرض بعض التوصيات التي تمكن صاحب القرار من إطلاق المبادرات الملائمة للارتقاء بالأنظمة البيئية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وريادة الأعمال في الدول العربية.

جلسات اليوم الثاني
وعقدت الجلسة الثالثة برئاسة الدكتور محمد بن عبدالعزيز الدغيري، مدير مركز التعاون والتبادل المعرفي في جامعة القصيم، وشارك بها الدكتور يوسف بن عبدالعزيز التركي وكيل جامعة الملك عبدالعزيز للدراسات العليا والبحث العلمي بعنوان «توجيه البحث العلمي وبناء القدرات نحو الاقتصاد المعرفي» قال فيها: إنه يعد اقتصاد المعرفة من أبرز المفاهيم التي بدأت تعرف انتشارا واسعا في الألفية الثالثة، وغالباً يحصل اقتصاد المعرفة على حصة كبيرة ضمن النشاطات الاقتصادية الخاصة بالدول ذات النمو الاقتصادي المتقدم، ولكن تظل الخاصية المميزة لهذا الاقتصاد الجديد هي المكانة المركزية التي تحتلها المعرفة والمعلومات في خلق الثروة والإنتاج الاقتصادي.
كما تناول هذا البحث دراسة حالة البحث العلمي لجامعة الملك عبدالعزيز خلال السنوات الخمس الأخيرة، ورصد مدى تطابقه مع مواصفات اقتصاد المعرفة متمثلة في النشر العلمي المحكم، وبراءات الاختراع، ومدى قدرة البحث العلمي بالجامعة على المنافسة في اقتصاد المعرفة ومنافسة البحث العلمي في الدول المتقدمة أو نظيراتها الصاعدة.
وفي ختام الجلسة الثالثة تحدث الدكتور عماد الدين أحمد المصبح، أستاذ الاقتصاد في جامعة القصيم عن «دور رأس المال البشري والإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج في تعزيز النمو الاقتصادي: دراسة دولية مقارنة»، والتي هدفت إلى اختبار وجود علاقة طردية تتجه من رأس المال البشري والإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج إلى النمو الاقتصادي في مجموعة من الدول والمملكة العربية السعودية، واستخدمت الدراسة أسلوب ARDL على بيانات للفترة 1950-2014 م، حيث كشفت النتائج اختلاف تأثير رأس المال البشري، ففي البلدان المتقدمة عموماً لم يكن هناك ثمة تأثير معنوي بعكس الدول الناشئة، أما في المملكة العربية السعودية فلم يكن هناك أي علاقة بين رأس المال البشري والنمو الاقتصادي، كما بينت أن الإنتاجية الكلية في كل الدول ما عدا مصر لم يكن هناك ثمة تأثير، وتوصي الدراسة باستمرار تركيم رأس المال البشري وزج مخرجات التعليم في العملية الإنتاجية بشكل مباشر.
وفي اليوم الثاني والأخير، بدأت الجلسة الرابعة التي ترأسها الدكتور ناصر بن محمد العقيلي، وكيل جامعة الملك فهد للدراسات العليا والبحث العلمي، حيث تحدث بها الدكتور محمود بن محمد صقر، رئيس أكاديمية البحث والتكنولوجيا في مصر، عن «رؤية مصر 2030 ومنهجية الاقتصاد القائم على المعرفة مع دراسة حالة»، والذي تحدث فيها عن أن مصر اتجهت برؤيتها 2030م للتحول إلى اقتصاد المعرفة بجهـود وخطـوات إيجابيـة مصحوبة بخطط تنفيذية على مختلف الأصعدة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية للدولة في مجال المعرفة والابتكار والبحث العلمي، وذلك بتهيئة بيئة مشجعة وداعمة للعلوم والتكنولوجيا والابتكار وتشجيع تطبيق مخرجات البحث العلمي وتعميق التصنيع المحلي. رؤية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ممثلة في أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، شرعت في تنفيذ خطط لمواجهة عدة تحديات ذات صلة بتمكين المعرفة والابتكار.
وأضاف «صقر» أن أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا تسعى إلى دعم الموارد البشرية المصرية باعتبار أنها أساس التنمية الشاملة التي تقوم على اقتصاد المعرفة، من خلال تطوير منظومة التعليم والبحث العلمي والابتكار، وفي ضوء هذه الأهداف تقدم الأكاديمية حزمة برامج وأنشطة موجهة إلى دعم الابتكار وريادة الأعمال بما يحقق نمو اقتصادي قائم على المعرفة والابتكار، ولا بد من رصد وفهم الواقع والتحديات المتغيرة، فكانت تجربة إنشاء المرصد المصري للعلوم والتكنولوجيا والابتكار كخطوة مهمة لتشخيص الوضع الراهن، كما تم في هذ العرض ذكر الأمثلة والنماذج والتجارب الناجحة في تأسيس الاقتصاد القائم على المعرفة في جمهورية مصر.
وشهدت الجلسة عرضا لورقة بحثية للدكتور محمد بن رفدان الهجهوج، مدير مركز التميز البحثي في النخيل والتمور في جامعة الملك فيصل، عن «دور مركز التميز البحثي في النخيل والتمور في إيجاد منتجات من النخيل والتمور ومشتقاتها للمساهمة في الاقتصاد المعرفي»، حيث أوضح أنه وفقاً لاقتصادات 2017، فإن البترول يمثل حوالي 80% من الدخل القومي الإجمالي للملكة العربية السعودية، وبما أن الاقتصاد المبني على مصدر واحد قد يواجه بعض المشكلات على المدى البعيد ويعتبر غير مستدام، فقد اتجهت المملكة لإيجاد بدائل أخرى لتنويع الاقتصاد ومنها الاقتصاد المبني على المعرفة، مشيرًا إلى أن الجامعات والمراكز البحثية تقوم بدور مهم في المساهمة في الاقتصاد المعرفي. رؤية المملكة 2030 تشجع الجامعات والمراكز البحثية لتعلب دورا حيويا في إنتاج المعرفة وتحويلها إلى منتجات تسهم في انتقال المملكة إلى الاقتصاد المعرفي، وبالتالي تحقق نموا اقتصاديا من غير الاعتماد على المصادر البترولية.
وأوضح «الهجهوج» أن مركز التميز البحثي في النخيل والتمور بجامعة الملك فيصل قد سعى إلى زيادة الاستفادة من النخيل والتمور وإيجاد قيمة مضافة لها، ومن خلال ذلك فقد حصل المركز على العديد من المنتجات المحسوسة وغير المحسوسة خلال السنوات الماضية ومنها: 21 منتجا في مجالات عدة منها المجالات الصيدلانية والطبية مثل مضاد حيوي من التمر، و»جل» معقم طبي من الإيثانول الحيوي المشتق من الكتلة الحيوية لنخيل التمر، بالإضافة إلى مستخلصات التمور للوقاية من سرطان الكبد، ومستخلصات التمور لعلاج احتشاء عضلة القلب، وكذلك منتجات غذائية من التمور مثل المشروبات الغازية، وخميرة الخباز، الزبادي المدعم حيويا وغيرها، وأيضا في مجال مكافحة آفات النخيل مثل مواد طاردة لسوسة النخيل الحمراء، ومصائد ذكية وأخرى ضوئية لمكافحة الحشرات المختلفة ومنتجات أيضا لترشيد المياه.
وتحدث الدكتور محمد بن عبدالعزيز الدغيري مدير مركز التعاون الدولي والتبادل المعرفي في جامعة القصيم عن «تجربة مركز الأبحاث الواعدة في المكافحة الحيوية والمعلومات الزراعية بجامعة القصيم في الاقتصاد المعرفي»، حيث أكد على حرص مركز الأبحاث الواعدة بجامعة القصيم منذ إنشائه في العام 1432هـ على توجيه المشاريع البحثية من خلال مجموعاته البحثية إلى أبحاث تنتهي بمنتجات معرفية تكون ذات إسهام كبير في التنمية الزراعية المستدامة والحفاظ على البيئة في منطقة القصيم وغيرها من مناطق المملكة، وقد توصل الباحثون في المركز إلى عدد من المنتجات الواعدة في المكافحة الحيوية للآفات الزراعية وبطرق آمنة وصديقة للبيئة، تغني إلى حد كبير عن استخدام المبيدات الكيميائية التي تضر بالبيئة والصحة العامة.
وأشار «الدغيري» إلى أن هذه المنتجات الحيوية تم الحصول عليها من البيئة المحلية، وثبتت فعاليتها على النطاق المعملي والحقلي وانتهت من مراحل التجريب، إضافة إلى ذلك فإن المركز اهتم بإيجاد بدائل للتسميد المعدني يكون لها دور بارز في تقليل الاعتماد على إضافة الأسمدة المعدنية التي يؤدي الإكثار منها إلى تلوث البيئة وتراكم بعض العناصر في النبات بمستويات تضر بالصحة العامة، وتحتاج هذه المنتجات الواعدة إلى استكمال جهود تطويرها وتجريبها على مستوى أوسع، والوصول بها إلى مرحلة الاستثمار والتسويق النهائية، مشيرًا إلى أن المنتجات الواعدة التي حصل عليها المركز تشمل المبيدات الحيوية البكتيرية، والمبيد الحيوي الفطري، والمفترس الحشري أبو العيد، والمفترس الأكاروسي (1و2) والكمبوست السائل المطور والمخصبات الحيوية، وما زال المركز يحاول إيجاد شركاء لتطوير منتجاته وتسويقها ليستفيد المجتمع الزراعي في المنطقة ومناطق المملكة الأخرى من هذه المنتجات، وليجد المركز دخلا ذاتيا من بيع تلك المنتجات لضمان استمرار العمل على إجراء الأبحاث الإبداعية التي تسهم في الاقتصاد المعرفي للمملكة وإجراء شراكات نوعية مع جامعات عالمية ومعاهد ومراكز بحثية متخصصة.
وترأس الجلسة الأخيرة في المؤتمر الدكتور خالد بن عبدالعزيز الشريدة، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القصيم، وتحدث خلالها الدكتور حسين محمد عامر آل عبيد، أستاذ الاقتصاد المشارك في جامعة الملك خالد، عن ورقته بعنوان «مقارنة لنماذج المجمعات التقنية المعززة للاقتصاد القائم على المعرفة في منطقتي ربلك الأوروبية ووادي السليكون بأمريكا»، والتي أوضحت أنه منذ نهايات القرن الماضي برزت علاقة ارتباط منهجية صناعيا وتجاريا لدعم الاقتصاد القائم على المعرفة، وذلك من خلال محاور ثلاثة (البحث – التصنيع – التصدير)، وفي منطقتين جغرافيتين متباعدتين وهما وادي السيلكون بكاليفورنيا الأمريكية ومنطقة «ربلك» الأوروبية وهي أربع مناطق في أربع دول أوروبية، مرتبطة ارتباطا صورياً من خلال تسويق نفسها عالمياً، حيث تعتبر نفسها أربعة محركات لأوروبا وهي منطقة الراين بألمانيا وبادن في فرنسا ومنطقة لومباردي في إيطاليا وكاتالونيا في إسبانيا.
وقد لعبت هاتان المنطقتان دورا بازا في تعزيز الاقتصاد المعرفي على مستوى العالم، حيث نجد النموذج الأمريكي – وادي السليكون – بخليج سان فرانسيسكو قد برز في العقود الأربعة الماضية، وهو الذي يقود الصناعات الرقمية وصناعات التقنية والمعلومات من خلال منظومة من أبرز الشركات مثل «آبل» و»سيسكو» و»مايكروسوفت» و»جوجل» و»أوراكل» وغيرها، والتي أوجدت قيما مضافة لاقتصادات الدول والمنشآت على حد سواء، بينما نجد منطقة «الربلك» قد أوجدت علاقة تبادلية بين مناطق الصناعة ومراكز البحث وقنوات التصدير لتدفع بالاقتصاد القائم على المعرفة إلى مستويات تنافسية متقدمة، وأكد أنه تم إعداد هذه المادة العلمية لهذا الموضوع لتقدم مقارنة تحليلية لأبرز ملامح هذين النموذجين وكيفية الاستفادة منهما لدعم الاقتصادات القائمة على المعرفة في دول ومنظمات الدول النامية، مع إلقاء الضوء على تجربة كوريا الجنوبية في تبني النموذج الأمريكي وتركيا في تبني النموذج الأوروبي.
وبعد ذلك تحدث الدكتور عثمان بن زكريا برناوي، مدير معهد ينبع التقني بقطاع كليات ومعاهد الهيئة الملكية، عن «دور مؤسسات التعليم العالي في المملكة العربية السعودية في عصر الاقتصاد المعرفي بين الأصالة والتقليد» قائلاً: إنه في عصرنا الحالي الذي يشهد تحولا كبيرا نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، تلعب مؤسسات التعليم العالي دورا رئيسيا في إنتاج المعرفة ونشرها، وفي بناء كفايات البحث العلمي لتحقيق التنمية الوطنية، بالإضافة إلى إرساء الأسس اللازمة لتحقيق الازدهار الاقتصادي والاندماج الاجتماعي، ولكن ما الذي نعرفه تحديدا عن الدور الذي تضطلع به مؤسسات التعليم العالي السعودية في هذا العصر الموسوم بالاقتصاد القائم على المعرفة؟ ما الأدوار التي تلعبها مؤسسات التعليم العالي السعودية في بناء الأمة، وماذا عن التوقعات العالمية بشأن الحراك الليبرالي الجديد في عصرنا الحالي؟ وكيف تنظر مؤسسات التعليم العالي اليوم لجهود البحث والتطوير، وكيف تحتفي بها، بل وكيف تضفي عليها صفة الشرعية؟.
وفي نهاية الجلسة عرض الدكتور علام النور عثمان، رئيس المنظمة العالمية للتنمية المستدامة في بريطانيا، «التحديات والفرص أمام الجامعات السعودية لتفعيل الاقتصاد المعرفي وفق رؤية المملكة 2030»، وناقش خلال العرض الدور المهم لمؤسسات التعليم العالي في مساعدة الدول العربية بالاستفادة القصوى من منتجات الاقتصاد القائم على المعرفة، يطرح العرض بعض التساؤلات، من بينها ما هو دور مؤسسات التعليم السعودية في تعزيز عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة؟ وما المعوقات الرئيسية التي تواجه مؤسسات التعليم العالي بالمملكة وبعض الدول العربية الأخرى؟ وهل هنالك مكونات حكومية في هذه العملية؟ وما الدور المجتمعي في هذه العملية؟ وكيف يمكن معالجة ومواجهة هذه التحديات والمعوقات؟ وما هو دور أكد العرض أنه يجب على الجامعات السعودية مواجهة الواقع الحالي والعمل على مواكبة التغييرات المعاصرة المعقدة والمتسارعة، وأنه يجب على الجامعات السعودية والعربية استيعاب الفئة الشبابية لمجتمعاتها وتخريج كوادر قادرة على اغتنام الفرصة التي يتيحها الاقتصاد القائم على المعرفة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى