إعلام

في اليوم العالمي للرسائل.. «البريد لم يمت» مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة

أكثر من 5 ملايين عامل بالبريد حول العالم يوصلون حوالي 435 مليار رسالة وأكثر من 6 مليارات طرد سنويا
البريد السعودي عضو فاعل ومؤثر في الاتحاد البريدي العالمي ويساهم في صياغة استراتيجياته ونظمه

أحيت دول العالم في الـ9 من أكتوبر الجاري «اليوم العالمي للبريد» في الوقت الذي يشهد فيه العالم بأسره تراجعا كبيرا في استخدام البريد، نظراً للانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني وغيرها من الوسائل الحديثة.

الاتحاد البريدي العالمي
وتأسيس الاتحاد البريدي العالمي قبل 171 عاماً أي في عام 1847 من قبل 22 بلداً موحداً للأنظمة والخدمات البريدية في العالم في محفظة واحدة من الخدمات البريدية تنظم أعمال السلطات البريدية في العالم، وتجعلها جميعاً ضمن شبكة بريدية متناغمة تدعم التواصل الإنساني والتبادل التجاري والتلاقح الحضاري، عبر الرسائل والطرود البريدية المتنوعة، ليكون هذا الاتحاد أقدم منظمة عالمية تربط دول العالم بشبكة منظمة تحكمها قواعد وإجراءات متناغمة وشفافة تقدم خدمات هامة لكل فرد في العالم.

البريد وسيلة تواصل عالمية
ويعد البريد وسيلة التواصل العالمية الرئيسة منذ القدم وأكبر شبكة تواصل وتوزيع في العالم، ويقدم باقة من الخدمات التقليدية والحديثة على حد سواء تلبي كل يوم حاجات التواصل عند مليارات الأفراد والشركات، ويركز الاتحاد البريدي العالمي على تيسير التدفق الحر للبريد الدولي وتحسين الخدمة النوعية وتعزيز دور البريد في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في جميع أنحاء العالم. ويوظف أعضاء الاتحاد من مؤسسات البريد في مختلف الأقطار أكثر من 5 ملايين عامل ويتم توصيل حوالي 435 مليار رسالة وأكثر من 6 مليارات طرد، وقد أظهرت مؤسسات البريد العالمية قدرة متنامية على الابتكار والتكيف في ظل نمو التقنيات الحديثة المنافسة التي يشهدها العالم، وبفضل التجارة الإلكترونية، تزداد أحجام الطرود بشكل كبير في الكثير من البلدان، وتشهد المرافق البريدية ارتفاعا سنويا بنسبة 20 % في خدمة الطرود الناتجة من عمليات الشراء عبر الإنترنت

البريد السعودي
بدوره، احتفي البريد السعودي بهذا اليوم من خلال العديد من الفعاليات كتوزيع الملصقات والبروشورات والنشرات، للتعريف بأهمية الخدمات البريدية الاقتصادية والاجتماعية ودورها في التنمية والثقافية والإنسانية، وذلك للاطلاع على المقتنيات والمواد والمعدات البريدية المستخدمة في الماضي والحاضر وعلى الطوابع البريدية.
ويحظى البريد السعودي بدعم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله -، من أجل مواصلة تقديم أفضل الخدمات وتنفيذ خططه وبرامجه ومبادراته لتسهيل تواصل المواطنين والمؤسسات وتقديم الحلول التي تيسر لهم ممارسة أعمالهم وقضاء حاجاتهم ودعم أنشطتهم الاقتصادية وتواصلهم الاجتماعي وبرامجهم الثقافية وتفاعلاتهم الإنسانية، ممتلكاً أبرز إمكانات التطور التي تأتي في مقدمتها الكفاءات البشرية المدربة والممكنة من العمل الاحترافي، والقيادات الواعية لأهمية البريد في التنمية المحلية.
والمملكة العربية السعودية، ممثلة بالبريد السعودي، عضو فاعل ومؤثر في الاتحاد البريدي العالمي، وقد أسهم البريد السعودي بفعالية في صياغة الاستراتيجيات والاتفاقيات والنظم التي أقرها الاتحاد البريدي العالمي في مؤتمراته المتعاقبة. واستطاع البريد السعودي خلال فترة وجيزة أن يتحول إلى مؤسسة عصرية قوية تسهم بفعالية في عملية التنمية وفي خدمة المجتمع، وأن يحتل الصدارة بين المؤسسات العاملة في هذا المجال.
ويقدم البريد السعودي خدمات متنوعة من خلال 6000 نقطة اتصال بريدية منتشرة في المملكة بواسطة حوالي 11000 موظف غالبيتهم من المواطنين، وتقدم المؤسسة خدماتها بطرق حديثة ومتطورة وبجودة عالية فضلاً عن ارتباطها بشبكة حاسبات إلكترونية متطورة مواكبة للتطورات التقنية الحديثة التي تشهدها القطاعات البريدية في البلدان المتقدمة.
ويسعى البريد السعودي إلى تعزيز دوره كحلقة وصل بين المواطنين والمؤسسات الحكومية والخاصة والعالم الكبير من حولنا من خلال الاهتمام بتحسين الخدمات والاستفادة المثلى من التقنيات الحديثة والنظم الإلكترونية.
وتفخر مؤسسة البريد السعودي بإنجازاتها الضخمة خلال عمرها الطويل، وفي اليوم العالمي للبريد، تستحضر القفزات الحديثة التي حققتها خلال الأعوام القليلة التي تلت تحولها إلى مؤسسة عامة، ومن أهمها العنوان الوطني الشامل الذي طورته وقامت بتعميمه على جميع أرجاء المملكة وأصبح يمثل بنية تحتية مهمة للوطن يخدم تواصل المواطنين وتقديم الخدمات العامة، وتم تأسيس شبكة توزيع البريد المحلي من جديد بالكامل، وتدريب فرق جديدة من موزعي البريد، وتزويدهم بسيارات مجهزة بأنظمة التعقب الجغرافي، وقارئات كفية تتعامل مع الرموز الكودية، وتتصل بأنظمة استلام وإيصال وفرز وتوزيع البريد، وتدار مركزياً من غرف تحكم متطورة.

مراحل تطور الرسائل

البريد بالممالك القديمة
ظهرت أهمية البريد منذ بداية خلق البشر، ومع اختراعهم للكتابة وتأسيسهم لدول وحضارات، حيث وجدت بعض الخطابات الخاصة بالفراعنة باللغة الهيروغليفية منقوشة على جدران معابدهم. كما عثر في مواقع كثيرة من بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين على رسائل متبادلة ما بين ملوك هذه البلدان وفراعنة مصر، حيث كان لفراعنة مصر أنظمة بريدية منظمة كالتي كان يتميز بها الصينيين والفرس والأشوريين، ساعدت ملوك هذه الحضارات على إدارة ممالكهم الواسعة، وكان البريد آنذاك حكرًا على المسؤولين السياسيين والقادة العسكريين، أما العامة فلم ينعموا بهذه الخدمة
الحمام الزاجل والألعاب الأوليمبية
استخدم الإغريق الحمام الزاجل لنقل نتائج الألعاب الأوليمبية من مكان إقامتها إلى المدن البعيدة ليعرف المواطنين أخبار الفائزين، لكن كان أول استخدام للحمام الزاجل عسكري، وذلك حسب المصادر التاريخية، وكان في زمن الإمبراطور الروماني أوكتافيوس الثالث، الذي استخدم هذا النوع من الحمام لتبادل الأخبار والخطط العسكرية مع قائد جيشه «بروتس» الذي حاصرته قوات «مارك أنطوني» في مدينة «فودليا».
ولم يقتصر استخدام الحمام الزاجل على الإغريق فقط، فقد استخدمه الفراعنة والفرس والعرب أيضًا، وكل حسب حاجته وحسب مصلحة بلاده العليا.

البريد العربي
وبعد معرفة الممالك القديمة بأمر البريد انتقل إلى العرب وكانت طريقته البدائية التي أخذوها عن البيزنطيين، هي إشعال النار على قمم الجبال للتأكيد على رسالة متفق عليها من قبل، ومن هنا جاء المثل المشهور «أشهر من النار على العلم»، ثم تطور بشكل كبير في زمن الدولة الأموية على يد معاوية بن سفيان، ووضع النظام الأول للبريد العربي، وجعل من مدينة البصرة في جنوب العراق مركزًا له.
وترجع الوثائق أن عدد محطات البريد في أيام الدولة الأموية قارب الألف محطة منتشرة في معظم أرجاء الدولة، وأنضم البريد إلى جزء من الجيش في عهد المماليك بشكل جديد وهو الحمام الزاجل، خاصة في عهد الظاهر بيبرس عندما كان في مواجهة المغول والصليبين، حيث كان ينقل الرسالة من الفرات للقاهرة في يومين.

البريد مع دخول قطارات البخار
تطور البريد بتطور وسائل النقل، فقد أدى تطور الملاحة البحرية، وظهور القطارات إلى تسريع تسليم البريد الذي زاد من رغبة المستخدمين في كتابة الرسائل، وكانت تفرز الرسائل في القطارات لتسلم بشكل سريع، كما وجدت في القطارات قضبان معدنية لالتقاط أكياس البريد في المحطات التي لا تقف فيها.
وبعد انطلاق الطائرات المحلقة في السماء عام 1905 انطلق معه البريد عام 1910 لينقل جوًا لأول مرة ما بين مدينتين في بريطانيا، وكانت العراق من أوائل الدول العربية تتأسس فيها دائرة رسمية للبريد في العهد الحديث، وكان ذلك في عام 1874. وفي القرن العشرين انطلق البريد الذي أصبح سمة هذا القرن الذي نعيشه، فشاركت معظم الدول العربية في عضوية اتحاد البريد العالمي الذي تأسس عام 1874، واتخذ من مدينة جنيف السويسرية مقرًا له، كما أسست الدول العربية «اتحاد البريد العربي» عام 1972، الذي اتخذ من مدينة دبي في الإمارات العربية المتحدة مقرًا له، وهناك اللجنة العربية العليا للبريد، وهي إحدى اللجان التابعة للجامعة العربية ومقرها القاهرة. وتهدف هذه التجمعات المهنية تفعيل الاتفاقيات والقوانين الدولية التي تحمي البريد، وتمنع استغلاله من البعض في شحن مواد تتعارض مع القوانين المعمول بها في الدول الأعضاء.

العصر الذهبي للبريد
وعلى الرغم من اختراع الهاتف في ذلك الوقت بالقرن العشرين إلا أنه كان عصر ذهبي للبريد، وذلك نظرًا لارتفاع سعر المكالمات الهاتفية وعدم وجود الهواتف بالبيوت، وكذلك لازدياد البريد الشخصي ونقله بالشحن الجوي الذي انتظم في كل دول العالم بعد السلام الذي جاء بعد الحرب العالمية الثانية مما شجع على السفر والهجرة، وتميز البريد بدرجة كبيرة من الأمان في ذلك الحين حتى أن الأوراق المالية كانت ترسل ضمن البريد.

تطور ملحوظ
وفي سلسلة التطورات البريدية ظهر التلكس؛ وهو عبارة عن نظام توجيه البرقيات مشفرة، فيستقبلها جهاز مماثل يفك الشفرة ويقدِّمها مطبوعة، ثم ظهر «الفاكس» في ثمانينيات القرن الماضي، وهو أقل تكلفة من التلكس، ويقوم بتصوير الرسالة وإرسالها هاتفيًا، إلى أن بدأ ظهور البريد الإلكتروني في مطلع السبعينات بظهور جهاز الكمبيوتر.
وظهرت بدايات البريد الإلكتروني على شبكة أربانت «الإنترنت حاليًا»، و تطوّر إلى مراحل عديدة كان من بينها إرسال «راي توملينسون» سنة 1971 أوّل رسالة تستخدم الرمز «@» للفصل بين اسم المستخدم، وعنوان الحاسوب، كما استقر عليه الوضع اليوم،
ووصلنا اليوم إلى قمة التواصل الإنساني عن طريق الإنترنت، والهواتف الذكية فلا نشكو من تأخر الرسالة أو ارتفاع أسعار البريد بعد دخول وسائل التواصل الحديثة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى