أعمدة

الأفكار الجديدة

أ.د. فهد بن إبراهيم الضالع
مشرف وحدة الوعي الفكري

“نترك ما يعبد آباؤنا ..أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء..” هذه لغة ترددت كثيرا في وجوه الأنبياء والمرسلين، الذين جاءوا بالتوحيد ونبذ الشرك والتأليه لغير الله تعالى في جميع الصور..
إن الاستسلام لتقليد الغير قيد ظل يضطرب في أتونه.. كل مقلد لغيره بلا حجة أو عقل أو برهان، ولذلك ترى أولئك الأقوياء النوادر الذين صرخوا في قيود التقليد فمزقوها هم من تقوم عليهم اللبنات الأولى والأسس المتينة لكل فكرة نوعية إبداعية رائعة رائدة..
ولهذا حمل الأوائل من مسلمي الصحابة رضي الله عنهم لواء الصبر في وجوه.. إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون.. مقتدون.. فمنهم من قتل.. ومنهم طرد من بلده ومنهم من عذب.. ومنهم من قوطع اجتماعيا.. وكلهم يقذفون بأقذع الأوصاف ليل نهار.. صابئ.. إلخ
ولكن التأريخ حفظ لنا أن بلالا وعمارا وسمية وسعدا وغيرهم ..هم ركائز الإسلام الأولى الذين تحملوا الكثير الكثير في سبيل القبول والنجاح لمجتمع مكة آنذاك.. بينما أولئك الذي دخلوا في دين الله أفواجا بعد الفتح إنما كانت الفكرة (الإسلام) أصدق من الصبح وأثبت أنه ظاهر على الدين كله..
ولذلك لم يترك الله تعالى هاتين الفئتين في مقام ومكانة واحدة فقال تعالى: “.. لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى..” الآية.
وفي هذا تقييم عادل للذين سبقوا وتحملوا عناء الفكرة الجديدة وصبروا على الأذى في سبيل ثباتها، وفي هذا المثال أمر كلي عام يدفعنا للاستنارة به في كثير من الأمور..
الفكرة الجديدة التي نؤمن بها يجب أن نصبر على تقبل الآخرين لها مهما كان استيعاب الآخر لها محدودا.. وكذلك تغذية الواقع بالأمثلة الدقيقة والبراهين القائمة للفكرة يجب الإعداد له بشكل جيد.. ثم إن الأصل بالناس رفض أي جديد وأما المنهج الصحيح فالقبول المطلق سذاجة.. والرفض المطلق جمود..
نهاية .. إن الحياة عقيدة وجهاد..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى