اضطراب كراهية الأصوات
د. إيناس محمود غريب
أستاذ علم النفس المساعد بكلية التربية ببريدة
قد تلاحظ في بعض الأحيان أنك قد يصدر عنك رد فعل انفعالي سلبي تجاه بعض الأصوات الخافتة أو الهامسة، والتي قد لا تستثير نفس ردة الفعل لدى العامة من الناس، كصوت مضغ الطعام، أو صرير الأقلام، أو طقطقة الأصابع الخ.. حيث من الممكن أن تسبب لك مثل هذه الأصوات القلق والتوتر.
وهذه الحالة تسمى في علم النفس “الميسوفونيا” أو ما يطلق عليها متلازمة الحساسية الانتقائية للأصوات، وهو اضطراب عصبي قد يظهر عند البعض في سن الطفولة المتأخرة وتستمر معاناتهم كلما كبروا، وقد ينحصر في بادئ الأمر في الضوضاء الصادرة من أحد أفراد الأسرة ليتسع بعد ذلك لعددٍ لا بأس به من العناصر البصرية والسمعية الأخرى.
ويرتبط هذا الاضطراب بمن يعانون من التقلبات المزاجية والقلقين والوسواسيين، إلا أن المفاجأة التي اعتبرها البعض خبرا سارا لمصابي “الميسوفونيا”، هو ما أثبتته بعض الدراسات حول ارتباط هذا الاضطراب بالذكاء الشديد لدى من يعانون منه لكون أدمغتهم تعمل بشكل يفوق الحالة الطبيعية لعمل دماغ الشخص العادي.
ولم يؤكد لنا العلماء سببا واضحا لذلك، فالبعض يشير إلى وجود عوامل وراثية ناتجة عن خلل جيني، أو ربما وجود خلل في الجهاز السمعي، حيث يفشل في تفسير تلك الأصوات مما يؤدي لحالة من الارتباك والهياج.
وتتنوع الأساليب التكيفية المستخدمة من قبل المصابين للتعامل مع الأصوات المكروهة لديهم، ما بين مغادرة المكان فور سماع الصوت، أو استخدام سماعات الأذن، وقد يصل في الحالات المتطرفة إلى السلوك التجنبي.
وخيارات العلاج من هذا الاضطراب تكاد تكون محدودة وغير متاحة، حيث تم تجريب مضادات القلق والاكتئاب على المصابين ولكن بلا جدوى، مما دفع البعض إلى تجريب بعض فنيات العلاج المعرفي السلوكي متمثلة في خفض الحساسية التدريجي، والتعريض وذلك لترويض الخلايا السمعية تدريجيا، وتحسين أداء المزاج مما يسفر عنه خفض حالة القلق والتوتر لديهم.