خدمة المجتمع في جامعة القصيم طموحات وآمال
د. عبد الله بن أحمد الرميح
وكيل الشؤون التعليمية في كلية العلوم والآداب في محافظة عنيزة
تشهد جامعتنا الفتية، جامعة القصيم، نهضة واسعة في ميدان خدمة المجتمع الذي هو ذراعها للمجتمع وأحد أهدافها، وقد نصت عليه رسالتها السامية حيث جاء فيها: “توفير تعليم جامعي متطور ومعتمد، لإعداد كفاءات متكاملة التأهيل، تفي باحتياجات سوق العمل, وتقديم خدمات مجتمعية وأبحاث تطبيقية متميزة بما يرقى بالمجتمع المحلي ويسهم في بناء اقتصاد المعرفة …” .
وحين ننظر فيما يريده المجتمع من الجامعة من أدوار نجد أن هناك مجالات بذلت للمجتمع وأسس لها وما زالت، ولن تزال بإذن الله تعالى، ثم بفضل الأنظمة الرشيدة في هذه الدولة المباركة، والتي من أهمها تخريج الكفاءات العلمية التي هي أساس عمل الجامعة في منظومة التعليم.
ولعلي في هذه العجالة أبلور رؤية أكثر وضوحا في مجال إسهام الجامعة في خدمة المجتمع حيث إننا عندما نتأمل في مجالات خدمة المجتمع التي تقوم بها الجامعة نجد مجالات متنوعة من أهمها:
أولا: البحث العلمي والتأليف:
البحث العلمي هو أساس التنمية وقائدها في هذا العصر، وبه يتم تحسين حياة المجتمع إلى الأفضل وتطويرها، وفي خصوص هذا المجال نجد أنه مع نشاط الجامعة الكبير في البحث والنشر العلمي والطباعة إلى أن حجم الاستفادة من البحث العلمي في خدمة المجتمع لم يصل في واقع الحال إلى الحد المبتغى ؛ إذ كثيرا ما نجد أن البحوث الإنسانية – على سبيل المثال – قد لا تصل توصياتها إلى الشريحة المستهدفة، ولم تتحول إلى واقع ملموس يردم الهوة بين المثل العليا والواقع، ومن ثم يبقى البحث العلمي بعيدا عن الواقع، لذا أدعو إلى تكثيف التواصل بين الشرائح المستهدفة المؤسساتية والفردية وقلم الباحث ونتائج أبحاثه.
كما أن الحاجة تشتد أيضا إلى وضع دراسات معمّقة عن حاجات المجتمع عبر البحث العلمي وتلمس مشكلاتهم بحيث ينطلق البحث العلمي من هموم المجتمع ويطرح الحلول العملية لها في كافة الجوانب التي تهم المواطن في حياته اليومية، ويكون بذلك مرشدا وداعما للتطوير والتحسين ورفع الكفاءة وتجويد المخرجات بأدوات التفكير العلمي الذي ينأى عن الانطباعات الشخصية والتفكير السطحي.
وينبغي أن يكون البحث العلمي مبادرا في طرح ما تتطلبه منطقة القصيم من الجمعيات الأهلية – التي هي محضن العمل التطوعي الأساس- ثم بعد ذلك تطويرها، إننا حينما نجد مئات بل ألوفا من البحوث العلمية الراقية من رسائل وأبحاث ترقية حبيسةَ المجلات الداخلية والخارجية وبحوث المؤتمرات نشعر بالأسى، حيث كان يمكن لها أن تسهم بالرقي في كثير من المجالات لو أُحسنت الاستفادة منها وتوظيفها، ومن ثم فأقترح أن تتبنى الجامعة مركزا للمعلومات يعنى بالرصد للأبحاث العلمية وتوجيهها للجهات المعنية وإبرازها.
ثانيا: توسيع نطاق الإفادة من المحاضرات الدراسية:
التدريس وإن كان من موجها إلى الطالب غير أنه من أوسع أبواب خدمة المجتمع فهو مستودع للخبرات العلمية المتراكمة، فكم من مادة تعليمية تحولت إلى كتاب مفيد للمجتمع بل وللأمة بأسرها، ولذا تسابقت الجامعات على حفظ نتاجها التعليمي فحولت مواده إلى كتابات مقروءة ومواد مصورة ومسموعة كأحد أوجه خدمة المجتمع، لذا فينبغي أن يتم تأسيس آليات تكنولوجية لحفظ المحاضرات النموذجية، لا سيما ممن مارس التعليم وانبت لديه خبرات طويلة متراكمة وذلك على شكل مواد فلمية وصوتية وكتابية.
ثالثا: الأنشطة التوعوية التربوية والإرشادية بمختلف مجالاتها:
للأنشطة اللامنهجية أهمية خاصة للطالب في خلق قيمة خدمة المجتمع في عقله وشعوره، وجعله مشاركا في بناء وطنه، وهذا الجانب شديد الأهمية والأثر، وكم أسست من مشروعات كبرى كانت بذورها من أنشطة تعليمية وجهت ودعمت وهيئت لها الفرص.
فمن ذلك الحملات التوعوية والمؤتمرات وحلقات النقاش والورش العلمية والمحاضرات العامة والكلمات، والأنشطة الصحية والعلاجية، والتي يتم من خلالها استثمار طاقات الطلاب في خدمة المجتمع عبر التدريب.
ولا يقتصر نفع الأنشطة التي تعقدها الكليات لطلابها وأساتذتها على طلاب الكلية فحسب بل يتعداهم إلى سواهم من الطلاب في الكليات والجامعات الأخرى بل إلى عموم أفراد المجتمع، ولربما أضحت كثير من الكليات فيما بينها جزرا متباعدة من حيث إشراك الكليات الأخرى في أنشطتها العلمية والمجتمعية، ومن ثم نقترح إقامة ورش عمل جماعية من الكليات في البرامج النوعية في خدمة المجتمع التي تقوم به الكليات، وتكثيف الدعاية لتلك المناشط في الكليات الأخرى.
كما أن كثيرا من المخرجات العلمية والإدارية يمكن أن يستفاد منها في الكليات والأقسام المناظرة في بلادنا ومن ثم فإن من المهم برمجة آليات إيصالها للمستفيدين بالآليات المناسبة.
وبالجملة فإن الجامعة ممثلة بعمادة خدمة المجتمع وأذرع العمادة في وحدات خدمة المجتمع في الكليات المختلفة، قد خطت خطوات واسعة ومشهودة وذللت كثيرا من الصعاب في سبيل التقدم في هذا المجال الحيوي والذي يمد المجتمع بكثير من الطاقات العلمية التي صقلت على مدى سنوات لكي ينعكس عطاؤها ليس في ميدان التدريس داخل القاعة الدراسية فقط بل في ميادين شتى تخدم الوطن والمواطن.