أعمدة

التركيز .. ووسائل التواصل الاجتماعية

فهد بن نومه
رئيس التحرير


تشتت الانتباه وقلة التركيز آفة كبرى.. إن أصابت الإنسان – لا قدر الله – قد تجعله أقرب للفشل في دراسته أو عمله أو وظيفته منه إلى النجاح، لأن غياب التركيز يعيق الإنسان عن الإتقان في عمله وإتمامه على الوجه الأكمل، وتبعده عن هدفه المنشود وتأخذه إلى قضايا فرعية وسطحية.. وهذا بالضبط ما يتسبب فيه الإفراط في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي من تشتيت للانتباه والتركيز لدى المستخدم، إذ تحولت هذه الشبكات لدى كثيرين من منصة للمعرفة وتعزيز المدارك والمفاهيم والإلهام.. إلى منصات لتشتيت الانتباه وقلة التركيز وضياع الوقت وفي حالات كثيرة للنسيان.
ولا يستطيع أحد منا أن ينكر أو يتجاهل أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في حياتنا المعاصرة، فهذه المواقع تكتسب جمهورا جديدا يوما بعد يوم، وتزداد أهميتها باستمرار لأنها استطاعت أن تخلق سبلاً جديدة للتواصل بين الأفراد والمجتمعات بعضهم البعض، بل إنها أصبحت وسيلة للدول والحكومات للتعريف بأهدافها وسياساتها الاقتصادية والاجتماعية، كما استخدمتها الشركات الكبرى في الترويج لسلعها ومنتجاتها، وبالمثل تستخدمها المنظمات والهيئات والجهات المغرضة لنشر أفكار ومعلومات خاطئة وشائعات مفبركة لتحقيق أهدافاً خبيثة تؤدي إلى تفشي الفوضى والجهل والمعتقدات الخاطئة.
وبنظرة حيادية لواقعنا الحالي ندرك أن معظم الناس يقضون أكثر من نصف يومهم وليلتهم في مطالعة هذه المواقع والتواصل معها، ويأخذون عنها الكثير من الأخبار والشائعات وينساقون وراء موضوعات لا طائل منها ويهتمون بقضايا لا تمت لهم بصلة، ويدخلون في سجالات ومناقشات وحوارات.. بل وأحيانا معارك كلامية وسباب لأتفه الأسباب، ويتناسون في غمار هذه الجلبة التي تحدثها مواقع التواصل أهدافهم الرئيسية في الحياة وعلاقاتهم الاجتماعية مع محيطهم العائلي والمجتمعي.
الاعتدال والوسطية منهج راسخ في ديننا الحنيف.. فلا إفراط ولا تفريط، حتى في المأكل والمشرب، فكثرة الانشغال بهذه المواقع وقضاء معظم الوقت في مطالعتها في أوقات الدوام أو عند قيادة السيارة أو حين تناول الطعام، قد تكون له عواقب وخيمة وآثار سلبية على الإنسان في عمله وعلاقاته الأسرية وتفاعله مع مجتمعه، وحتما ستقوده إلى التشتت وقلة التركيز وتناسي أموره المهمة لصالح أمور تافهة لا طائل منها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى