تُعزُّ اللُّغَاتُ بِأَقْوَامِهَا
غيداء عبدالعزيز السنيدي
خريجة لغة عربية كليّة العلوم والآداب طالبة في الدبلوم التربوي
أحَدِّثُكُمْ عَنْ مُفْرَدَاتِهَا عَنْ حُرُوفِهَا عَنْ نَحْوِهَا عَنْ صرفهَا عن بلاغتها عَنْ أدَبِهَا عَنْ فِقْهِهَا عَنْ دَلالاتهَا عَنْ نقْدِهَا عَنْ رَوْعَتِهَا عَنْ رَوْنَقِهَا عَنْ مَاذَا وَمَاذَا
عَنْ أَيُ جَمَالٍ أَتَحَدَّثُ؟ّ
كَامِلَةُ رَائِعَةٌ غَنِيَّةٌ عَظِيمَةٌ
جَمِيلَةٌ هِيَ في كَلِّ شَيء.
لمَ أَهْمَلْنَاهَا؟ لمَ أضعناها؟
لم تَفَاخَرْنَا بِغيرها؟وَنَحْنُ أَهْلُهَا؛أَلَيْسَ المَرْءُ بِأَهْلِهِ يَفْخَرُ! اعلم عَزِيزِي القَارِئ أَنَّ ضِيَاعَ اللُغَةِ مِنْ ضَيَاعِ الوَطَنِ
لا تَدَعْ أَعْدَاءَهَا يَفْرَحُونَ بِتَهْمِيشِكَ لَهَا وَالاِبْتِعَادِ عَنْهَا وَهَجْرِهَا…وَاعلم أَنَّ مِنْ ضَاعَتْ لُغَتُهُ ضَاعَتْ هُوِيَّتُهُ وَ ضَاعَ كُلُ شَيء مِنْهُ …
مِن الجَمِيلِ أَنْ تَدْرُسَ لُغَةً أخْرَى تكونُ إضِافَةً لَك عَلى لُغَتِكَ الأصْلية تَسْتَفِيد منّها وَتَحْتَاجُهَا؛ لَكِن عَلَيْكَ أنْ تَعْرِفَ أيْنَ وَمَتَى تَتَكَلَّمُهَا…قَبْلَ فَتْرَةٍ طَلَبْتُ في أحَدِ المَطَاعِمِ مِن النَّادِلِ ذِي الأصْلِ الفِلِبِينِيِّ, كَانَ يَتَكَلَّمُ العَرَبِيَّةَ قُلْتُ لَهُ أَعْطِنِي (كُوبًا مِنْ الثَّلْجِ) أخُرَى بِجَانِبِيَّ قَالَتْ بِنَبْرَةٍ متفاخرةٍ مستهترة تَقَصُدٌ (Glass ice). لمْ أكُنْ أجْهَلُ مَعْناَه الإِنجلِيزِيِّ; لَكِنَّ العَامِلُ بِلادنَا, وَنَحْنُ في بلاد عَرَبِيَّةٍ! وَهُوَ يَتَكَلَّمُ العَرَبِيَّةَ اِحْتراِمًا لِلبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهُ فَلِمَاذَا أَتَكَلَّمُ بِغَيرها؟ وَلَوْ كُنْتُ في بلاده لَكَلَّمْتُهُ بِلُغَتِهِ اِحْترامًا لَهُ وَلِلُغَتِهِ…. لُغَتُنَا تَتَمَيَّزُ بِثَرَاءِ المُفْرَدَاتِ, وَالأَلْفَاظُ لا نَحْتَاجُ اِسْتِعَارَةَ كَلِمَاتٍ مِن الغَير لِنَرْتَقِيَ بِهَا ونٓفْخر..يُعَزِّينَا قَوْلُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالىَ (إنّا نَحْنُ نَزَلَنَا الذكّرٓ وإنّا له لحافظون)فَهِيَ بَاقِيَةُ مَا دَامَ القُرْآنَ مَحْفُوظًا خِتَامًا عَلَيْنَا تَعَلُمُ القُرْآنِ وَتَأَمُلُ أَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ وَبَلاغَتِهِ وَنَحْوِهِ وَصرفهِ حِينَهَا سَنُدْرِكُ مَدَى جَمَالَ وَرَوْعَة لُغَتُنَا بَلْ وَسَنَفْتتِنُ بِبَهَائِهَا وَمُلاحاتها وصباحاتِها لِذَا تعلموها, تَأَمَّلُوهَا, تَدَارَسُوهَا بَيْنَكُمْ. فَإِنَّهَا عَظِيمَةٌ وَاللهِ عَظِيمَة.