الرأي

سيكولوجية النبات

د. إيناس غريب
أستاذ علم النفس المساعد بكلية التربية

ليس الإنسان فقط هو من يجب أن تحرص على ألا تجرح مشاعره حينما تتعامل معه.. فالنبات أيضا من الممكن أن يخاف منك أو يكرهك.. أو يحبك ويسعد برؤيتك ويدرك نواياك وتصرفاتك ويتوقعها انطلاقا من خبراته السابقة في تعاملك معه، فالنبات عند الاقتراب منه ودراسة سلوكياته دائما ما يدهشنا بخفاياه وأسراره يوما بعد يوم..
فلديه دائما الكثير مما يفوق توقعاتنا، ولا يزال العلم يكشف لنا كل حين بعضا من شفراته السرية.
فقد كشف العلماء أن النباتات التي تواجدت على كوكبنا منذ قرابة السبعمائة مليون عام، لديه قدرة إعجازية لإدراك المحيط من حوله.. فهو قادر على التمييز بين الألوان والأضواء رغم تعدد مصادرها، كما أنه يمتلك ساعة بيولوجية كالإنسان تمكنه بسهولة من تحديد الزمن وتعاقب الليل والنهار، وأخيرا اكتشف العلماء أن لديه حسا توقعيا مرتفعا وبصورة إعجازية مبهرة.
فقد قادت الصدفة القاضي “كليف باكستر” الذي كان يتعامل بحرفية مع أجهزة كشف الكذب من واقع وظيفته في المحاكم القضائية الأمريكية، حينما قام بتثبيت أحد أجهزته على أوراق النبات، ليكتشف أن قياسات الجهاز المتصل بالنبات تختلف من وقت لأخر، مما يعني وجود نتائج إيجابية تشير إلى وجود لغة خاصة بالنبات – إن جاز التعبير – مما أثار حفيظته لاستكمال التجربة معتمدا على عدد من المشاركين.
وطلب “باكستر” من أحدهم حرق إحدى أوراق النبات، ثم قام بعرض المشاركين واحدا تلو الآخر على النبات لتسجل قراءات الجهاز توترات أعلى للنبات حين مرور الشخص الذي اعتدى عليه بحرق أوراقه مقارنة بباقي المشاركين، الأمر الذي يعني أن النبات قد تعرف على الشخص المعتدي، ومع تكرار التجربة عدة مرات تأكدت ذات النتائج.
ولم يتوقف “باكستر” عند هذا بل أدخل بعض التعديلات على التجربة، حيث أحضر واحدة من “الروبيان” الحي عازما النية على وضعها في الماء الساخن أمام النبات، فجاءت النتيجة أكثر إعجازا على جهاز كشف الكذب، والذي سجل موجات كهربائية متوترة حيال فعل صنفه النبات “إجراميا” رغم أنه لم يحدث بعد.
وغير ذلك من التجارب التي أثبتت أن هذا الكائن الصامت الهش الذي يحيا بلا عقل، لديه من العمليات العقلية ما يضاهي أصحاب العقول، يضعنا أمام قناعة أكيدة بأننا لسنا الأكثر عبقرية وسط مخلوقات هذا الكوكب العظيم الذي لا زال يحوي أسرارا لا حصر لها..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى