ولأن إبداعك في حريتك
أ. منيره إبراهيم المنيعي
التحدث عن الحرية وبخاصة حرية التعبير والفكر والبيان قديم وجديد، فلقد شغل الفلاسفة والحكماء والعلماء والكتاب والصحفيون المتنورون من عامة الشعوب بهذا الموضوع، لأن الدعوة إلى الحرية شيء جذاب، وتستقطب أنظار العالم على مختلف المستويات والمتحدثون عن الحرية يترددون بين الحماسة في إطلاق الحرية الفكرية وغيرها، وبين التعقل وضبط مفهوم هذه الحرية وتقييدها لاعتبارات عامة تستدعي ضرورة تفعيلها في حدود المعقول وإفساح المجال لها لدى الآخرين حيث أن الحرية تنتهي عند بدء حرية الغير، أو لاعتبارات خاصة تتطلب ضبطها بقواعد النظام العام والآداب المرعية والقيم الدينية ومتطلبات الرسالات الإلهية.
وازدادت الحاجة إلى تبيان أفق الحرية في عصرنا الحاضر على الرغم من تطور العقل البشري، واتساع آفاق العلوم، وَوجود الأنظمة المقررة لصالح الأفراد والشعوب أنفسهم في النطاق المحلي لكل دولة على حدة، وبسبب مصادرة الحرية في بعض الدول، أو إساءة استعمالها لدى بعض الناس. فلقد أساء بعض الأفراد فهم الحرية، وسلكوا مسالك وعرة، وحينما توهموا أن الحرية ولاسيما الحرية الفكرية تقتضي العمل المتحرك، أو التفكير من غير ضوابط ولا قيود، فصدموا المشاعر الإنسانية، وهزوا معايير القيم العليا، وعاثوا في الأرض فسادًا زاعمين أنهم مصلحون أو مجددون، وهم مخطئون، ويشملهم النص القرآني الكريم: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 103-104].
معاً ويداً بيد؛ نحو فهم واع للحرية من منظور إسلامي يتحرى العدل والمساواة، ودمتم ودامت أوطاننا وأبناؤنا بخير.