أعمدة

أطول مكالمة في التاريخ أنت تتحدث وربما أحفادك يردون!!

أ.د. عبدالله المسند
أستاذ المناخ بقسم الجغرافيا


المكالمة الأخيرة عبر جوالك سارت بسرعة الضوء (300 ألف كم في الثانية) بمعنى أن حديثك دار حول العالم 7.4 مرة في الثانية الواحدة!! وعندما تتحدث مع زميل في جزر هاواي سيصل كلامك إليه بأقل من ثانية، بينما حديثك مع رائد فضاء على القمر يستغرق 1.3 ثانية ليصل إلى مسمعه، وحديثك (جدلاً) مع آخر في المريخ يستغرق 4 دقائق يعني تقول “السلام عليكم” وتنتظر 8 دقائق حتى تسمع “وعليكم السلام”.
وفرضاً عندما تتحدث مع أحد في سفينة فضائية تدور حول المشتري وتقول له: “كيف حالك” سيأتيك الجواب بعد 64 دقيقة حتى تسمع الرد “بخير”، بينما لو كان رائد الفضاء ـ جدلاً ـ قريباً من بلوتو وقلت له “السلام عليكم” سيأتيك الجواب “وعليكم السلام” بعد 8 ساعات (4 ذهاباً و 4 إياباً).
وفرضاً عندما تتحدث مع سفينة فضائية حول نجم الشعرى اليمانية وتقول له “صباح الخير” سيأتيك الرد “صباح النور” بعد حوالي 16 سنة!!، ولو كان رائد الفضاء قريباً من نجم قلب العقرب لجاء الرد بعد 1200 سنة، ولو كان في أقرب مجرة لنا لجاء الرد بعد 4 مليون سنة!!، لاحظ أن سرعة المكالمة تسير بسرعة الضوء (300 ألف كم في الثانية) ومع ذلك تأمل وتدبر كم من الوقت تستغرق! وهنا تدرك جانباً من سعة الكون العظيم!!
ولو كنت تستهدف باتصالك طرف الكون (المكتشف فقط) لجاء الرد بعد نحو 312 (بليون) سنة، علماً أن المكالمة تسير بأسرع سرعة عرفها البشر، والله سبحانه وتعالى سمع خولة بنت ثعلب مباشرة وهي تجادل النبي ﷺ من فوق (7) سماوات، وهو مستوي على عرشه سبحانه وتعالى { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} قالت عائشة تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله ﷺ ومع كل هذا .. وذاك بشأن مساحة الكون التي يطيش لها العقل هولاً، يقول تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} فمساحة الكون من أول ما قرأت هذا المقال إلى هذا السطر قد تغيرت، واتسع الكون بحجم لا يدركه العقل البشري!! .. دمتم متدبرين، متفكرين، متأملين، مأجورين قال تعالى: (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)… هذا والله أعلم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى