زميلي الأستاذ الجامعي أن نكون أكثر جرأة
أ.د. علي محمد السيف
وكيل الجامعة للشؤون التعليمية
آية “اقرأ باسم ربك الذي خلق” هي أول أمر رباني نبئ به الرسول الأمي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الأمر دلالة واضحة على أهمية تعلُّم العلم وطلبه، تلا هذا الأمر الكريم ما حظي به خير البشر من مهمة الرسالة التي تحمَّلها، وإنَّه لشرف عظيم لأمّته أن يكون التوجيه الأول دعوة للعلم وطلبه وتعليمه الذي تحيا به الأمم.
لقد اعتاد المربون والمعلمون على توجيه الرسائل الكثيرة التي تحث على الاجتهاد في طلب العلم وتحصيل علومه كسبًا وتطويرًا للذات، وتفنّنوا في ألفاظ الطرح والإقناع حتى تملّكوا القلوب بروعة البلاغة وجمال الأسلوب، وقدموا النصائح الكثيرة نثرًا وشعرًا، ولكن ثمة أمر آخر فهل تأذن لي يا زميلي الأستاذ الجامعي أن نكون أكثر جرأة في تناوله وأن نضيّق هذه المرة دائرة النّصيحة، ونوجهها إلى بعضنا وبين من اعتاد أن يكون معطيها لا مستقبلا إياها!
أراك تفهمت قصدي قبل أن أذكرك بحمل هذه الأمانة التي اؤتمنّا عليها، هل نحن نقوم بها على الوجه الذي يرضي الله عنا؟ هل أدركنا جميعًا أن الله أنعم علينا أن نقوم بهذه المهمة بتعليم شباب الوطن وأن نكون ممن يصنع هذا الجيل الذي راهن عليه الجميع وتراهن عليه قيادتنا الرشيدة؟
نحن – أخي العزيز – نعمل في مصنع إعداد فخر هذا الوطن وسلاحه، إنّهم شباب هذا الوطن وقوة مستقبله، وإنّ قوة هذا الوطن تبدأ من إعداد هذا الجيل إعدادًا نعي جميعًا ما تحمله هذه الكلمة من معنى، إنَّه إعداد علم وخلق ووطنية تكفل لنا الثّقة به جيلا متينًا لا تهزّه عواصف الهوى، أو تنقص من وطنيّته مضلات الفتن، ويضمن له فرصة المشاركة في بناء هذا الوطن ونمائه اجتماعيا وصناعيا، ويضمن له أيضًا متانة العلم وسلامة الفكر، ويحول هذا الإعداد أيضًا دون اختراق عقله “ليسلمه إلى غيره” ثمَّ يُقذف به في مهاوي الردى، ويستلمه من لا يريد به ولا بوطنه إلا الفساد والشر.
يا ترى هل استشعرنا جميعا أن مهمتنا لا تقتصر على المادة العلمية وإيصالها لينتهي المطاف؟ حتمًا إنَّ علينا مهمات أخرى نقوم بها غير أن نكون مجرد وسيلة جامدة لا يعنيها غير تصدير مادة علمية وكفى. كن له أيها الأستاذ الكريم نموذج الحرص والالتزام.
نموذج المواطن الصالح الحريص على وطنه ووحدته والالتفاف حول قيادته.
نموذج الحريص على ممتلكات وطنه ومدخراته بحرصك في عملك وتحملك أمانتك.
كن له أيضًا المربي الذي يتعامل مع الطلاب سواسية بعدل وأمانة ولا يفرق بينهم، والأب الناصح، والمعلم المخلص، والموجّه الناصح، وبذلك تكون له نموذج المخلص الأمين.
أعتقد جازمًا أخي وزميل الأستاذ الجامعي أن مهماتنا في الجامعة تتعدى معلومةً نلقِّنها للطالب.
يجب أن نستشعر مهمّتنا المطلوبة منا جيدًا وهي مهمة عليا في مرحلة مهمة لإعداد جيل المستقبل.