رسالة إلى متقاعد
أ.د. فهد الضالع
وكيل عمادة شوون الطلاب
في ريعان الشباب ..ومع كل شعاع من شموس الصباح ..تبادله بروح من شموس العطاء .. وذات صباح تتلقى مرسوما موسوما بترشيحك لتكون ضمن منسوبي الجامعة – حيث هو اختيارك الأمثل ثم بدأت رحلة العطاء .. ففي صباح اليوم التالي تقف بين الصفوف لتستكمل إجراءات المباشرة ..ويسعى بك اشتياقك للانتساب للصرح الجميل أن تنهي اشتراطات العمل ..لتعود في المساء إلى والديك وتطبع بين عينيهما قبلة الشكر والمسؤولية حيث أمسيت موظفا في الجامعة ..
ومع إشراقة الشمس كانت روحك أكثر إشراقا ..في مكتبك في الجامعة ..تبتسم لهذا وتقف مع ذاك ..وتستمع لذلك ..وتتناغم مع الجميع مؤديا رسالة العطاء وأمانة المؤمن تجاه كل شيء في الجامعة ..
ولم تزل كذلك في صباحك ومسائك .. وفي أوقات الرخا تنساب كالماء عطاء وبذلا ..وفي أوقات الشدة حزم وبذل وصدق وتفان وجذوة مشتعلة لا تخبو ولا تعرف الكسل والسلبية ..حتى صارت الجامعة جزءا منك لا تكاد تعيش بعيدا عنها إلا ويردك الشوق إلى أحضانها مرة أخرى ..فهي كالأم الحانية أنجبت ثم رعت وصبرت على وليدها من حيث كان معيدا أو مبتدئا بالعمل فلم تزل تعطيك من روحها ماء الشباب فبلغت أشدك حيث صرت الأستاذ الدكتور والمهندس الماهر والموظف الخبير ..فبادلتها البر والوفاء فأعطيتها جميل المواقف ..وجزيل الأوقات ..ولم تزل كذلك عبر السنين ..
إذا تم شيء بدا نقصه .. ترقب زوالا إذا قيل تم ..
إنها قصة القمر .. ترى القمر في حمرة الشفق..لايكاد يرى بالعين المجردة ..فينمو ويزداد رونقا وجلالا ..حتى إذا بلغ الإبدار..واستكمل واستدار ..يأسر الأبصار ..ويملأ القلوب إلهاما وجمالا ..حتى سرت بنوره أبيات الوالهين من العشاق إذ يتسامرون ..وبعد الإبدار يتناقص ..ولا يزال ..حتى عاد كالعرجون القديم ..لايكاد يرى ..إنها قصة القمر ..قصة العشب الأخضر ..قصة الانسان ..قصة الحياة ..
أيها المتقاعد الكريم ..كأن للجامعة حديث يجول في ذكراك فيقول : ” لطالما كنت هنا ..وأبدعت وأعطيت وأغدقت ..لك في روحي كل يوم إشراقة ..وفي ممراتي آلاف الخطوات ..وفي قيعان قلوب الأجيال من تلاميذي وأبنائي سبائك الذهب ..نعم إنها كلماتك الصادقة حين تودعها الأجيال عبر السنين ناصحا ومربيا .. يا صانع النجاح ..لن أنسى حضورك إلي حيث لا يراك إلا الله تحت جنح الظلام لتشعل إضاءة مكتبك وتشعل معه النور في قلوب الآخرين ..كن واثقا أن كل أثر جميل سيبقى يلهج باسمك شكرا وذكرا..
ياصانع الجيل ..وأنا أبلل خطوات الوداع بالدموع ..حيث تستقل بحياتك وعطاءاتك فكل عزائي في وداعك هو ثقتي بوفائك ..لأنك ستظل ابن الجامعة البار بكل عمل شريف كريم يعجب الناظرين ..وسيبقى حبل الوصل بيننا ممدودا ..حيث تناقش رسالة هنا ..أو تكون مستشارا هناك ..أو عبر أي منفذ يأذن لي بعطائك المستمر ..
ياصانع النجاح .. سلام عليك وعلى كل لؤلؤة رصعت بها راية وطنك .فتظل تبرق باسمك ..
همسة .. الجميع يزحف نحو هذا المصطلح( تقاعد ) والقيمة بالأثر..