أعمدة

من يسكن معنا في هذا الكون العظيم!؟

أ.د. عبدالله المسند

أستاذ المناخ بقسم الجغرافيا

من يسكن معنا في هذا الكون العظيم!؟ سؤال كبير وقديم، ولا يزال يُشغل جمعاً غفيراً من العلماء منذ زمن مبكر. وعلى الرغم من تطور العلم بشكل مذهل، إلا أن السؤال لا يزال عالقاً، ولا يستطيع أحد أن يُثبت (حسياً) بوجود كائنات عاقلة غيرنا أو ينفيها!!. وحتى الآن العلماء لم يكتشفوا كوكباً ككوكب الأرض في موقعه، في هندسته، في مكوناته، في كائناته، في أحيائيه، في خصائصه، في حفظه، في روعته، وجماله.

ومع ذلك أحسب أنه لا يوجد دليل شرعي ((صريح)) يُثبت أو ينفي وجود كائنات عاقلة غير البشر، والجن، والملائكة في هذا الكون الفسيح، وقوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) إشارة إلى وجود عوالم أخرى في الكون والله أعلم، وإشارة أخرى في قوله تعالى: (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا) (طالع تفسير “الروح” في كتب التفسير).

ولا يصح إغلاق باب التفكير والتفكر في خلق الله حتى في هذا الباب، ما دام التفكر واقعاً في حدود الإدراك، بل هو استجابة لقوله تعالى (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، وقد يستعجل بعض الناس ويقول لم يرد في الكتاب ولا في السنة شيء من هذا، ولا فائدة من مثل هذا الافتراض، ويقول: بل قطعياً لا يوجد غيرنا في هذا الكون!! والجواب: أن القرآن الكريم أخفى علينا كثيراً من قصص الرسل وهم على كوكب الأرض، لا نعلم عددهم؟ ولا أماكنهم؟ ولازمانهم؟ ولا أسماءهم؟ ولا شريعتهم؟ ولا أممهم؟ ولا حتى مصيرهم؟ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)، فمن باب أولى ألا يذكر لنا كائانات عاقلة غيرنا في الكون إن كانوا كائنين.

فإن كان هناك عوالم غيرنا في الكون فأين هم؟ وهل هم يبحثون عنا كما نبحث عنهم؟ وهل حُملوا الأمانة كما حُملنا؟ وهل قيامتنا واحدة؟ وحسابنا واحد؟ وجنتنا واحدة؟ .. لا أعلم لا أعلم .. الله وحده أعلم. فإن وُجد عوالم أخرى في الكون فلا يلزم أن يكونوا كأشكالنا، كأحجامنا، كقدراتنا، فالجن والملائكة لا نجتمع معهم في الخِلقة، إلا كوننا خلق عاقل فحسب، من جهة أخرى فإن حجم الكون مخيف جداً جداً جداً وأحسب أن الخالق المدبر المالك خلقنا وخلق الجن والملائكة ومخلوقات عاقلة أخرى في مكان ما في الكون، والله وحده أعلم وأحكم.

شخصياً أميل إلى أن في كل سماء أرض، وعلى كل أرض خلق عاقل مُحمل الأمانة ومكلف، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا) (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ). وربما بعد إطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي العملاق عام 2018 يحدث مالم يكن في الحسبان في هذا الخصوص!؟ فإن صح وجود عوالم أخرى في الكون (وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) فهل سيتقابلون!؟ كيف!؟ ومتى!؟ (وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) الله أعلم هل المقصود في الدنيا أو الآخرة.

ختاماً أقول: وفقاً لقدراتنا التقنية الحالية فلا نستطيع التواصل مع حضارت كونية نظراً لاتساع الكون، إلا أن تكون الحضارات الأخرى أذكى وأقدر منا فقد يصلون إلينا يوماً ما .. هذا والله أعلم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى