الرأي

ورقة مذكرات تسمو بالقدرات

عبدالرحمن بن محمد المهوس

عمادة تقنية المعلومات

“مُعَاق” وصفٌ مؤلم لأفراد في المجتمع قدَّر الله عليهم ما يعتبره الأغلب ضعفاً وأعتبره وقود للنجاح بإذن الله متى ما وثق بقدراته و فَعَّل امكانياته الكامنة وحوَّلها لإنتاج محسوس وملموس، وكلمة “مُعَاق” لفظةٌ كاسره للأنفس التَّواقه للإنجاز بفضل ما عوَّضهم الله من قُدرات قد تكون خافيه على الجميع و ربما غابتْ بسوء تعامل أو غُيبِّت لقتل الطموح بقصدٍ أو بدونه، كَلمة واحدة ، حرَّكت في النفوس العاليه قيمة وقامه وقادت مجموعة نحو الإبداع طريقاً وجعلت عُنوانها التحدى لبعض القناعات السَّلبيَّه ، والتي لا تزال للأسف تحاول المساس بأيقونات بارزه في محاور النجاح ، وذلك عَبر مصطلحات متنوعه وقواميس لغويَّه! بَلْ وَصل الحال بالبعض لإستخدام الكلمات الدراجة محلياً  للحُكم على ذوي القدرات الخاصة بأنهم عـاله على المجتمع والإنجاز لديهم لايُشكل شيئاً ملومساً بنظرهم القاصر ورؤيتهم الضبابيَّة نحو عناصر مهمه في المجتمع وأنهم لا يعملون فارقاً على مستوى التشكيل المجتمعي!.

سعدت وبكل فخر بتسجيل حضوري للعرض الأول لمسرحية “ورقة مذكرات”على مسرح مركز الأمير سلطان الحضاري بمحافظة الرس والذي استمرَّ لثلاث ليالٍٍ(الأربعاء والخميس والجمعة)وبالفعل لامست واقعاً مجتمعياً وسط حضور لافت و تفاعل أجمل من الحضور من الجنسين والذي شهد حضوراً نسائياً ولأوَّل مرة في منطقة القصيم لمشاهدة مسرحية ، وقدَّمت رسالة ساميه في المعنى الإجمالي والمحتوى الفني الراقي نحو ترجمة القدرات بأنها ليست حكراً على أحد وإنما متاحه للجميع وهي رسالة من مُعَاق لكل طبقات المجتمع ومفادها أنَّي أستطيع تقديم نفسي فأنا إيجابي بقدراتي فقط امنحني المساحه الكافيه.

من هنا، شكَّلت مسرحية “ورقة مذكرات” نتاجاً إيجابياً لعمل امتدَّ لخمسة أشهر من العمل الدؤوب منذو الفكرة التي انطلق منها كاتب السيناريو الرائع الأستاذ/محمد دهشان، وسطَّر ما كتبه المبدع فهد الفهد عبر ورقة صغيرة الحجم في مرحلة عابره وتعلَّقت بالذاكرة وأخرجت عملاً إيجابياً، أجاد معه في تعامله مع حياته وعاش مع اعاقته على كرسي متحرك وبعقلٍ متفتَّح طموح وصاحب مبادرات اجتماعية ورياضية وقفت عليها شخصياً وحققت نجاحات باهره ولاقت استحسان الجميع ، وهذا تأكيد على أنَّ الطموح أساسه فكرة لايوقفها شيء بإذن الله متى ما كانت الإرادة حاضره وتعني فن الإدارة و تذليل الصِّعاب لأسلوب حياة وبمشاركة فاعله من نجوم العمل المسرحي(فهد الفهد/راشد البلي/عزام عبلان/خالد العساف/صالح الحناكي).

وتأتي أحداث مسرحية “ورقة مذكرات” تسجيلاً للواقع المعايش و البيئة المجتمعية في تعاملها مع هذه الفئة الغالية على قلوبنا والتي لا تنتظر تعاطفاً أو مساعدة بقدر ما تحتاج إلى الإحترام و الأخذ بأيديهم نحو تحقيق طموحاتهم بتذليل الصِّعاب و فتح الأبواب أمامهم و الإستفادة مما لديهم من قدرات هي النجاح الذي أصبح لدى البعض “مع وقف التَّنفيذ”، قصة الفهد وكيف أنصفته “ورقة مذكرات” من تجاهل دام سنوات وذلك حينما وصل الملف الوظيفي إلى مسؤول يخافُ الله ويتحمَّل المسؤولية أمام الله وأخذ بيده نحو القمَّة المتاحة للجميع من فئات المجتمع والأجدر بالكفاءة هو المُستحق للوظيفه رُغم ما قد يواجهه في بيئة العمل من تعنيف لفظي أو تعابير خارجه عن النَّص مِنْ زُملاء أوْ مُدراء و أنَّ انتصار العَقل على الإعاقة كفيلٍ بالنجاح بالعمل الصحيح والتعامل المثالي في بيئة العمل وبهذا يتحقق المأمول من موظف صاحب همَّه عاليه وبقدرات ساميه في فهم أسلوب العمل والمسارعه في وضع الحلول الناجحة والتي تخدم العمل وتحمي الدائرة من المخاطر المحتملة وهو ما رمى إليه الفهد من مجرد “ورقة مذكرات” كانت فكرة بسيطه ورأت النور بإحتواء ايجابي وتعاطي للفكر ألهمت الآخرين بأنَّ امتلاك القدرات متاح فقط اعمل واغتنم الفرصة ولا تلفت لأعداء النجاح وثق بنفسك، ولا تقف عند أول السُّلَّم الوظيفي وإنما اجعل هدفك عالياً وارسم خطتك على الإستحواذ الإيجابي بالفكر الراقي والأداء العالي وقتها ستكون المدير التنفيذي بل ستكون صاحب الشركة وقائد المرحلة، وما كان الكرسي المتحرك إلاًّ وسيلة متاحه موصله للنجاح فأنا أستطيع و قدراتي تقودني لتحقيق ما آمُله وأحلُم به فأنا موجود وضمن أفراد مجتمعي أسمو بالعطاء فقط أحتاج لبيئة جاذبه وراقيه بالفكر الإنساني لا العطف الوجداني فهذا لسان حال فهد الفهد ومَنْ هُمْ في مثل حالته ويأتي نجاحهم بحسن التواصل معهم ومنحهم الحقوق التي كفلتها لهم الأنظمة.

وشهدت مسرحية “ورقة مذكرات” الممتعة في طرحها وقالبها الفني الذي جمع الفُكاهه روحاً لها والمحتوى الجاذب لواقع حقيقي مما شكَّل همزة وصل بين نجوم المسرح والحضور في تفاعل منقطع النظير تجاه لغة الحِوار المتنوع في الإثارة والمعلومه تارةً أخرى وفي تناغم مابين عاصفة تصفيق والتقاط صور حيَّه للمشاهد الجميله من الحضور للعمل الذي أنتجته جمعية ذوي الإعاقة بالرس بالتعاون مع مجموعة رتم الفنية.

واختتمت مسرحية “ورقة مذكرات” بالتعريف بنجوم العمل والذين مثلوا فريقاً واحداً وبروحٍ واحده وتوشحوا بالشكر والعرفان لمقام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله -لمشروع الأمير محمد بن سلمان الخيري الذي قدَّم الدعم لهذا العمل الإيجابي وللحضور تحية تقدير وامتنان.

ختاماً: هل تدعم جامعة القصيم مسرحية “ورقة مذكرات” من جانب المسؤولية الإجتماعية ونسعد بعرضها القادم في مسرح الجامعة؟

إضاءة: مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يعمل على تنفيذ وتمويل الأبحاث العلمية والمعملية والميدانية في جميع مجالات الإعاقة تحقيقا لشعار “رؤية تتحقق”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى