لماذا زاد الطلاق؟
عبدالرحمنالشنقيطي
طالب في كلية الاقتصاد والادارة
الانتقال الثقافي للمجتمع من مرحلة الى اخرى عادة ما يكون له اعراض جانبية مؤلمة تشبه آلام المخاض، أنها كالمرور من عنق الزجاجة حيث تصل شدة الاختناق ذروتها قبل الانعتاق التام والخروج من سجن الزجاجة الى فضاء الحرية، ويمر المجتمع السعودي هذه الايام بمرحلة انتقالية حساسة والحقيقة ان هذه المرحلة قد بدأت منذ ان داهمتنا وسائل الاعلام الحديثة ووصلت ذروة تأثيرها بعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استفحلت عوامل ومثيرات معينة لم تكن موجودة في السابق ومن شأنها التأثير سلباً على علاقة الزوجين ببعضهم ، فظهر اسلوب المقارنة بين الزوجين فلم يعد أحدهما قانعاً بما عنده كما كان الوضع سابقا , يتصفح أحدهم جواله فيرى العجب العجاب من الجنس الآخر ثم يبدأ بالمقارنة وينتهي اخيراً بحالة إحباط تبرّد مشاعره إزاء شريك حياته، تزعج هذه المقارنة الشريك الآخر وقد يرد بالمثل او يكتفي بالغضب والتذمر، واذا حدثته عن غض البصر هز رأسه وهو يضحك ويقول ( أي غض بصر والفتن في كل مكان ) ؟!
وهنا تأتي المسئولية الكبرى على وسائل الاعلام فيما آلت اليه الأمور , أضف الى ذلك انتشار افكار المساواة وتحرر المرأة، اذ لم تعد المرأة كما كانت في السابق خاضعة وخانعة في بيتها ترعى شئون المنزل وتشتغل بتربية الابناء وترتيب اغراض المنزل، لقد خرجت المرأة اليوم من بيتها واصبحت تنافس الرجل في كل مكان وباتت ترى في نفسها نداً له، وبذلك أصبحت الأسرة أقرب الى التفكك وعليه بات احتمال الطلاق وارداً بشكل أكبر، كانت المرأة في الماضي صابرة وراضية وهي متعلقة بزوجها مهما كانت شخصيته، أما اليوم فما أن ترى منه عيباً بسيطاً الا وتراها قد تذمرت ومطت شفتيها ضجراً وبدأت تلوّح بورقة الطلاق، فلم يعد الزوج يهمها كما كان سابقا فهي مشغولة اليوم بالوظيفة او المشروع او الشهادة او الخ، ومن الصعب الجمع بين الهم الاقتصادي والهم الأسري في آن واحد .
يقول علماء الاجتماع (الإنسان ابن بيئته)، ولعلي استنبط من هذه القاعدة سبباً ثالثا للزيادة المهولة في معدلات الطلاق وهي طبيعة عالمنا اليوم، ان عالم اليوم ديناميكي ملتهب في ذاته متفاعل ومنطلق بقوة نحو الامام وبخطى متسارعة ومندفعة لا تتروى ولا تعرف الوقوف، واذا كانت هذه سمات البيئة التي يعيش فيها انسان العصر فلا بد ان ينعكس شيء من صفاتها على شخصيته كثيرا او قليلا، كانت عجلة التاريخ في السابق تسير بهدوء وبوتيرة بطيئة وكان السفر يأخذ أياماً وشهوراً، وسائل الرزق تتطلب صبراً وجلداً , ولذا كان انسان الماضي صبوراً ساكن النفس كثير التحمل يرضى بالقليل ويعيش عليه سعيداً، اما اليوم فالعالم غير العالم والانسان غير الانسان، صار المرء عجولا سريع الملل لا يطيق صبرا على انتظار شيء وما ان يحصل على مكانة حتى يطمع لما هو أعلى منها، وقد انعكس هذا على الزواج فصار الازواج اقل احتمالا لبعضهم البعض واكثر اندفاعا لخيار الطلاق، تأملوا في الاسباب واستخرجوا منها العلاج .