الرأي

حتى لا يكون الطعام معركة بين الأم والطفل

د. رشيدة محمد أبو النصر
أستاذ مشارك بكلية العلوم والآداب بالبكيرية


كثيراً ما تعاني الأمهات من مشكلة فقدان الشهية لدى الطفل، وهذه المشكلة شائعة جداً بين الأطفال خصوصاً ما بين العام الثاني وإلى العام السادس. وتسهم الأم دون أن تدري مساهمة كبيرة في إيجاد وإبقاء هذه المشكلة، وذلك بإظهار قلقها وشكواها الدائمة، بأن أكل طفلها غير كاف، وقد يصبح البيت بجميع من فيه مشغولاً بطعام الطفل وشهيته، ويحاول الجميع إقناعه أن يأكل زيادة عما يفعل، ويحاولون ذلك بالترغيب مرة وبالشدة والتهديد مرة أخرى، وأحياناً بإعطاء الطفل مختلف أنواع الأدوية التي يفترض فيها أن تزيد شهيته للطعام وفي أغلب الأحيان لا يعطي هذا الجهد أية نتيجة، بل ربما أعطى نتيجة عكسية فقلل من شهية الطفل للطعام، إذ أن معظم الأطفال قد يزيدون من تعنتهم بتناول الطعام رغبة منهم بالاحتفاظ باهتمام الأهل وعنايتهم.
وقد يدرك الأطفال، أن الأكل مهم بالنسبة لأبويهم، وأنه غير مهم بالنسبة لهم، وبذا يصبح عدم تناول الطعام وسيلة للتعبير عن رفض سيطرة الكبار.
والواقع أنه يمكن للأكل أن يكون منذ الولادة، خبرة إيجابية خالية من الصراع، لهذا يجب أن يكون مكان الأكل جذاباً، وهادئاً، ويعطي الطفل مجالاً للأكل بحرية، ومن الأفضل استخدام ملعقة قصيرة مستقيمة مسطحة اليد، يمكن للطفل استخدامها، وفيما بعد يمكنه استخدام شوكة غير حادة الرؤوس، وينبغي وضع الطعام في مستوى المعدة بحيث لا يكون على الطفل الصغير أن يحاول الوصول إليه، بل استخدام مقعد منخفض ذي ظهر مستقيم يريح الطفل.
إن الأكل ينبغي أن يكون متعة وليس معركة يجبر فيها الأطفال على الأكل، فلا تثر قضية حول الطعام الذي يرفضه الطفل، وإنما استبدل به أطعمة أخرى، إلى جانب العمل على ألا يصبح الطفل محور الاهتمام بسبب الطعام، وإنما ينبغي تقديمه له بشكل عرضي، ومن دون إلحاح، مع مراعاة أن وقت الطعام غير المتوتر الذي يبعث على الاسترخاء يؤدي إلى عادات أكل جيدة ويمنع تطور المشكلات، فالتحقير والإغاظة أو انتقادات عادات الأكل ينبغي تجنبها.
وينبغي ألا يكون أكل جميع ما في الطبق إجبارياً، وألا نقوم بتعزيز الطفل لأنه أكل طعامه، لأن المكافأة تصبح أكثر قيمة، بينما يفقد الطعام نفسه قيمته.
ومن أهم أسباب فقدان الشهية لدى الأطفال:
عدم شعور الطفل بالسعادة أو ربط الطعام بحادثة غير سعيدة أو في طريقة تعامل الأم مع طفلها وكيفية تقديم الطعام له.
كراهية الطفل لأصناف الطعام التي تقدمه له .
وكذلك إصرار الأم على أن يأكل الطفل كمية من الطعام أكثر مما يستطيع.
كما أن تشديد الوالدين على الطفل أن يتبع آداب المائدة كما يمارسونها هم وانتقادهم له وهو يأكل قد يتسبب في فقدان الشهية على المائدة.
معالجة فقدان الشهية
ومن تجربتي الشخصية والعملية مع الأطفال لمعالجة فقدان الشهية أود بداية التركيز على ضرورة إهمال هذا الموضوع وترك الحديث فيه مع الطفل ومراقبة الطفل عن بعد بحيث لا يصبح تناوله للطعام هو حديث الأسرة وجل اهتمامها، كما يجب الابتعاد عن إجبار الطفل على الأكل أو ترهيبه، واستبدال هذا السلوك بسؤاله هل أخذت كفايتك وشبعت؟ ومن ثم رفع الطعام من أمام الطفل.
وأخيراً فإن التعامل مع موضوع شهية الطفل يجب أن يكون بهدوء وتفهم ومصادقة الطفل والنزول إلى مستواه العقلي فهي الوسيلة الصحيحة لتحسين شهيته للطعام. كما يجب تكرار المحاولة مرة ثانية وثالثة ورابعة وعدم الملل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى