التلوث الضوضائي
د. رحاب احمد عبد الحفيظ
أستاذ مساعد بقسم الفيزياء بكلية العلوم والآداب بالبدائع
يقول الله تعالى في محكم كتابه: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾
خلق الله سبحانه وتعالى الأرض وأنشأها على أحسن حال، إلى أن تدخّل فيها البشر، فغيّروا وبدّلوا وأفسدوا، ولقد بيّن الإسلام خطورة ظاهرة الفساد في الدنيا، والعواقب الوخيمة لها في الآخرة، ليرتدع الناس عن الإقدام عليها ولينتهوا عنها.
تعتبر الضوضاء من فصائل التلوث العديدة إذ إنها صنفت بأنها ضارة على صحة الإنسان، والحيوان، والطيور والنبات وأشياء غير حية أخرى، إن مشاكل التلوث الضوضائي تزداد يوماً بعد يوم المناجم، الطرق السريعة، المطارات، المناطق الصناعية ومناطق أخرى يوجد بها حركات إنشائية كالبناء وتنفيذ مشاريع الموجات الصوتية غير المرغوب فيها تعتبر من الضوضاء لأن أذن الإنسان حساسة جدا والتي يمكن أن تتحمل الموجات الصوتية التي يتراوح ترددها ما بين 20 درجة هيرتز إلى 2000 درجة هيرتز .
توجد العديد من الطرق الفعالة والعمليّة التي يُمكن إيجازها لخفض مستويات الصوت، ولذلك يجب وضع قواعد ليتبعها الأطفال والبالغون والعمال والحكومات، ومن طرق الحد من الضوضاء:
يفضل ارتداء سدادات الأذن عند استخدام الأدوات في الورش والمصانع أو استخدام آلة جز العشب أو ماكينات أخرى تسبب الضوضاء، أيضاً يجب الإصلاح المستمر للآلات التي توجد بالمصانع وبهذه الخطوة من الممكن أن يقلل أو يُعدم الضوضاء، مع تشديد المراقبة على الصناعات وتعديل العمليات للسيطرة على الضوضاء أثناء إصدار وتجديد رخص العمل.
للحكومات.. يجب إصدار التشريعات اللازمة وتطبيقها بحزم لمنع استعمال منبهات السيارات ومراقبة محركاتها وإيقاف تلك المصدرة للأصوات العالية، ونشر الوعي وذلك عن طريق وسائل الإعلام المختلفة ببيان أخطار هذا التلوث على الصحة البشرية بحيث يدرك المرء أن الفضاء الصوتي ليس ملكا شخصيا.
لقد كان للتقدم العلمي آثار بالغة وملحوظة في مكافحة الضوضاء، من خلال التقنيات التي كشف عنها، فكما أن هذا التقدم ساعد على وجود الضوضاء، فإنه أسهم في ابتكار الوسائل والحلول لتخفيف حدة الضوضاء، ويمكن القول أن الحماية التقنية للبيئة في مواجهة الضوضاء، تعتمد على عدة طرق أهمها:
• تصميم آلات وماكينات أقل ضوضاءً وصوتاً، وإجراء تعديلات في تصميمها تقلل من أصواتها ووضع صمامات لمنع خروج الأصوات المزعجة منها.
• التحكم في الآلات الموجودة بنفسها، بتعديل طريقة عملها، أو إضافة بعض الأجزاء الجديدة لها والتي قد تمتص بعض الضجيج الصادر عنها.
• يمكن منع أو تقليل الضوضاء بتغيير الخامات المستخدمة في صناعة الآلة كاستخدام المطاط مثلاً بدلاً من الحديد، أو وضع المطاط أو مواد عازلة للصوت،
على جدران المكان حتى تساعد على امتصاص جزء من ضجيج الآلات، ويعتبر حصر مصدر الضوضاء داخل جدران عازلة للصوت من الوسائل التي تستخدم بكثرة لحماية العمال في المصانع من ضوضاء الآلات والماكينات.
• استخدام حاميات لحاسة السمع عند العمال بوضع واقي أذن أو سماعات تقلل من الضوضاء، وتمنع وصولها إلى الأذن الداخلية.
• يمكن بناء حجرات صغيرة من الزجاج العازل للصوت، يجلس بها العمال داخل العنابر في المصانع في فترات لإراحة سمعهم من الضوضاء الشديدة الموجودة بالعنبر، ويمكنهم منها مراقبة الماكينات.
• يجب أن تكون البيوت السكنية والمدارس ودور الحضانة والمستشفيات، بعيدة عن مصادر الضوضاء، وخاصة الطرق السريعة المزدحمة بوسائط النقل وخطوط سكك الحديد.
• إبعاد المطارات عن المدن والمناطق الآهلة بالسكان مسافة لا تقل عن (30كم)، وبناء حوائط صوتية مدرعة حول مهابط الطائرات.
• بالنسبة للقطارات يمكن تغطية عجلات القطارات بالمطاط، كما هو الحال في القطارات التي تسير تحت الأرض (مترو الأنفاق).
• بالنسبة للسيارات تكون المكافحة عن طريق تركيب وسائل عزل الضوضاء فيها، وتشجيع إنتاج كواتم صوت المحركات وأجهزة الاحتراق الداخلي، وتستطيع الدولة أن تخلق مضماراً تتنافس فيه مصانع السيارات، لتخفيض مستوى الضوضاء الصادرة عن محركات السيارات بطرق عديدة مثل: تخفيض الجمارك على المواد الأولية اللازمة لذلك وتخفيض الضرائب على تلك السيارات.
• الاهتمام بتخطيط المدن وذلك بتعريض الشوارع وتشجيرها وزيادة مساحة الحدائق والمنتزهات العامة داخل المدن، وخاصة المدن الصناعية، وقد لجأت كثير من المدن إلى عمل ما يسمى بالحزام الأخضر حول المدن.