أعمدة

عبقرية العرب الفلكية

د.عبدالله المسند

اتخذ العرب من قران القمر بنجوم الثريا تقويماً زمنياً ذكياً؛ ليحددوا من خلاله بداية الفصول، والأوقات، وعلى وجه التحديد بداية القر والحر، والربيع، وذلك عبر مفردات مسجوعة، وقصيرة ومعبرة، وما ذاك إلا لارتباطهم الوثيق بمواشيهم، وحلالهم التي فيها ومنها حياتهم واقتصادهم، ومن أجلها يقيمون تارة، ويظعنون تارة.

ويبدأ تقويمهم المعتمد على قران القمر بالثريا من شهر ديسمبر، وينتهي في شهر مايو، وهو بهذا يمثل ستة أشهر من السنة فقط، وأحسب أنهم أغفلوا بقية السنة عن عمد؛ لكونها فترة لا توافق ربيعاً، وكون الأجواء شبه رتيبة، ولأن البادية لا يمتهنون الزراعة، فلا تعنيهم مقارنة القمر بالثريا خلال فصل الصيف، ودونك ما ورد من ثقافتهم الفلكية في تحديد الأزمان، ووصف الحال والمكان.

فعندما يقارن القمر الثريا ليلة 11 من الشهر القمري يقولون:

* قران حادي (11) البرد بادي، (تعبيراً عن بداية البرد)، (وهذا يوافق على وجه التقريب وسط المربعانية (ديسمبر).

ولبقية الاقترانات يقولون:

* قران تاسع برد لاسع، (كناية عن شدة البرد)، (وهذا يوافق على وجه التقريب الشبط، يناير).

* قران سابع مجيع وشابع، (بداية الربيع) (وهذا يوافق على وجه التقريب العقرب الأولى، فبراير).

* قران خامس ربيع طامس، (كناية عن ازدهار الربيع) (وهذا يوافق على وجه التقريب العقرب الثالثة، مارس تقريباً).

* قران ثالث الربيع ذالف، (تعبيراً عن إدبار الربيع) (وهذا يوافق على وجه التقريب آخر الحميمين، أبريل تقريباً).

* قران حادي على القليب ترادي، وقالوا أيضاً: قران حادي تسمع على الما منادي، (أي الإبل تزدحم على القلبان والآبار من الحر)، (وهذا يوافق على وجه التقريب الثريا، مايو، أول القيظ).

بعدها يختفي المعيار الذي يعتمدونه وهو نجوم الثريا في شعاع الشمس عند الغروب، وتبدأ تغيب الثريا مع الشمس، فتختفي نحو 40 يوماً، وذلك فترة القيظ (الصيف)، ثم تظهر وتلوح مرة أخرى من جهة الشرق فجراً .. هذا والله أعلم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى