دور البحث العلمي بجامعة القصيم في تحقيق التنمية المستدامة
د. محمد إبراهيم الدغيري
عميد عمادة الدراسات العليا
لا يكاد يختلف اثنان على جوهر العلاقة القوية بين البحث العلمي بأشكاله ومستوياته المختلفة من جهة، وبين التنمية المستدامة بجميع أبعادها من جهة أخرى، الأمر الذي جعل العديد من الجامعات العالمية تتحدث باهتمام بالغ حول أهمية دور البحث العلمي في تطوير المجتمع وتنميته اقتصاديا واجتماعيا، كي يكون الإنسان في هذا المجتمع قادرا على التكيف مع بيئته المحيطة به، ومسهما في حل مشاكله ومشاكل مجتمعه، بل وحتى المساهمة في حل مشكلات العالم الذي هو جزء منه، وكذلك المشاركة الفاعلة في بناء الحضارة الإنسانية والمساهمة في تطويرها، وهذا ما جسدته رؤية جامعة القصيم والتي تنص على أن تكون جامعة متميزة وطنياً في التعليم، داعمة للتنمية المستدامة في القصيم، مسهمة في بناء مجتمع المعرفة.
ومن المتوقع أن تلعب الجامعات السعودية دورًا مهمًا في تحقيق أبعاد التنمية المستدامة من خلال البحث العلمي فيها، إلا أن معظم تلك الجامعات تعالج قضايا التنمية المستدامة بطريقة مجزأة بين كلياتها دون وجود رابط بين تلك الأبحاث، ويقتصر وجود التنمية المستدامة في بعضها على دورات محددة وغالبا ما تكون معزولة عن البحث العلمي وتطبيقاته.
ولكي يتم رصد دور البحث العلمي بجامعة القصيم ومساهمته في تحقيق وتعزيز التنمية المستدامة على المستويين المحلي والوطني، فلابد من الاستعراض الدقيق والمدروس لأهداف الأقسام والكليات في ضوء ما تملكه من بنية تحتية وتكنولوجيا تعليمية وكوادر أكاديمية وفنية مدربة مؤهلة لإحداث التغيير ودفع عجلة التنمية، إضافة إلى التناغم والتناسق بين مخرجات تلك الأقسام والكليات وتوظيفها في المجتمع وخدمة قضايا التنمية وسوق العمل، وهذا لا يتأتى إلا اذا نشطت تلك الأقسام والكليات وآمنت بأن تكون رائدة التغيير في المجتمع بحيث تعمل على توجيه الأبحاث العلمية فيها نحو تنمية الإنسان ليشارك في مجتمعه.
كما يمكن لجامعة القصيم تحسين دورها كعامل للتغيير في مجال التنمية المستدامة من خلال تبني نهج “Whole-of-University Approach” والذي يربط بشكل واضح بين الأنشطة البحثية والتعليمية والتشغيلية والتوعوية، من خلال تشجيع الطلاب والأكاديميين والإداريين للتفكير النقدي في أداء الجامعة في ما يتعلق بالتنمية المستدامة، والذي سيترتب عليه العديد من الإيجابيات، منها رفع مستوى مبادرات الجامعة في مجال الاستدامة؛ وتوفير حلول لمشاكل الاستدامة؛ وبناء الثقة بين الطلاب والأكاديميين والإداريين على حد سواء؛ وتوفير تجارب تعليمية تطبيقية على مستوى الجامعة.