أوهام في التنمية البشرية
عبدالرحمن الشنقيطي
طالب كلية الاقتصاد والإدارة
ظهرت التنمية البشرية على ساحة الفكر والثقافة بشكل جليّ بعد الحرب العالمية الثانية، إذ خرجت أوروبا من واحدة من أحلك ظروفها على مر التاريخ، وكان الناس آنذاك يسودهم الإحباط لما جرّته الحرب على بلدانهم من مآسي، فدعت الحاجة إلى إحياء أفكار التحفيز والأمل وإعادة حب الحياة إلى نفوسهم، فظهرت التنمية البشرية.
والتنمية البشرية عبارة عن منهج يختص ببث الإيجابية وإزاحة السلبية عن طريق زرع أفكار تنموية تساعد الإنسان على تحقيق أهدافه وبالتالي العيش بسعادة، ويدخل في تكوينه علوم النفس والإدارة والاجتماع، ولكنه كأي منهج بشري تعتريه الثغرات على مدار الأيام وتتسلل إليه الأوهام قليلا أو كثيراً، ومن ذلك ما نراه من الانتقائية في اختيار نماذج النجاح، حيث يجري اختيار حالات نادرة وشاذة ليتم عرضها على الناس كحالات عملية، وقدوات ينبغي السير على خطاها، متناسين أن النموذج الشاذ هو ابن الظرف الشاذ والشذوذ لا حكم له.
فمن منّا لديه الاستعداد أن يحاول ويفشل 999 مرة لاختراع شيء ما؟ ثم ينجح في المرة الألف كما حدث مع أديسون (هذا إذا سلّمنا بصحة القصة)؟ وكم منّا ورث عقارات وخبرات جاهزة واستثمرها وضاعف بها ثرواته أضعافا مضاعفة كما حدث مع ترامب؟
إن الأفكار لا تنجح إلا إذا كانت عملية ممكنة التطبيق، وكلما كانت الأفكار واقعية وعملية، كانت أدعى إلى النجاح والانتشار بين الناس، ولذا علينا أن نختار نماذج تمثل واقع الناس بأكبر قدر ممكن، لا أن ننتقي حالات شاذة ومثالية ونصوّرها على أنها معيار للنجاح، ضاربين بظروف المجتمع عرض الحائط.