الفكر
عبدالمجيد بن هادي الحربي
خريج إدارة أعمال
هناك حكمة في الفلسفة الهندية تقول: أنت اليوم حيث أتت أفكارك، وستكون غدا حيث تأخذك أفكارك، الفكر هو المسؤول الأول عن صحتنا بشكل عام وعن حالتنا النفسية والعضوية وصورتنا الذاتية بشكل خاص، هناك معلومة أثارت انتباهي في أحد الكتب تقول إن الإنسان يستقبل أكثر من 60000 فكرة يوميا 80% منها سلبية وتعمل ضد الإنسان، وهذا يدعم ما نعرفه عن النفس وأنها أمارة بالسوء، ولو قمنا بإجراء حسبة بسيطة وأخذنا 80% من 60000 فكرة نجد أن محصولنا اليومي من أفكارنا 48000 فكرة سلبية! ألا يسحق ذلك منا أن نقف مطولا عند كل فكرة ونكون حريصين كل الحرص قبل أن نضع أي فكرة في ذهننا؟ يقول الدكتور إبراهيم الفقي، رحمه الله: “من المحتمل ألا تستطيع التحكم في الظروف، ولكنك تستطيع التحكم في أفكارك”، فالتفكير الإيجابي يؤدي إلى الفعل الإيجابي والنتائج الإيجابية، فالفكر له برمجة راسخة مكتسبة من سبعة مصادر وهي: 1/الوالدان 2/المحيط العائلي 3/ المحيط الاجتماعي 4/المدرسة أو العمل 5/الأصدقاء 6 / وسائل الإعلام 7/ الذات.
وبسبب أن المساحة المسموح لي بها في المقال قليلة لا يسعني المرور بها كل على حدة بشكل عام، فلكي يكون التغيير متكاملا يجب أن يبدأ الإنسان من ذاته، فمهما كانت المساعدات الخارجية قوية و فعالة فلن تساعدك إلا إذا ساعدت أنت نفسك، فقوله تعالى: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” هي آية قرآنية ومبدأ حياة لا يدركه إلا من أدرك نفسه، وبداية التغيير تبدأ من الإنسان نفسه، كما أسلفت في بداية المقال بأن الفكر يؤثر على حياتنا وصحتنا فإنه أيضا يؤثر على الأحاسيس والنتائج، فأنت عندما تفكر بشيء ما، سواء كان سلبيا أو إيجابيا، ستبدأ بفكرة ومن ثم تركيز على هذه الفكرة بالذات، وبعدها تشعر بها في أعماقك وتحس بها، ومن ثم ينتج عنها سلوك وبعده تظهر النتائج، فإما تكون سلبية أو إيجابية على حسب توجيهك أنت في البداية، فلا يمكن للمرء أن يحصل على النتائج الجيدة إلا عندما يتعلم كيف يفكر، فكما قال أرسطو: “كل أزهار الغد موجودة في بذور اليوم، وكل نتائج الغد موجودة في أفكار اليوم”.
اعمل يوميا على تنقيص ما لا تريد وعلى تصعيد ما تريد حتى ينتهي تماما ما لا تريد وينمو ويزهر ما تريد، وبعد قراءتك لهذا المقال ثق ثقة تامة بأنك المسؤول الأول عن صحتك، فلا تدمرها في التفكير السلبي بين كل حين وآخر، وكل تغيير للأفضل لا يحصل إلا بعد توكلك على الله، وسيفتح الله لك بابا أفضل مما كنت تتخيل، لأنه ارحم الراحمين وأكرم الأكرمين.