القيادة ليست بالمناصب

فهد بن نومه
رئيس التحرير

في ذلك اليوم حينما كنا على مائدة العشاء أنا وصديقي المستشار في مجال القيادة في أحد المطاعم، وكنا نتجاذب أطراف الحديث حول القيادة وفنونها، قال لي إن القيادة ليست بالمناصب ولكنها روح ومهارة نتعلمها ونمارسها حيثما كانت مواقعنا في العمل أو في البيت أو في أي مكان، وإن الشخص الذي يتحلى بروح القيادة بإمكانه أن يصبح قائداً ويمارس القيادة أياً كان موقعه الوظيفي.
لم ينتظر صديقي طويلاً حتى يؤكد حديثه بمثال عملي حدث دون توقع، حينما جاءنا عامل المطعم بفاتورة الحساب، وقبل أن يأخذ حسابه – وبوجه باسم بشوش – بادرنا بسؤال عن مدى رضانا عن جودة الطعام المقدم إلينا في المطعم ومستوى الخدمة المقدمة لنا ومدى جودتها، وهل توجد لدينا ملاحظات على الطعام والخدمات حتى يمكن تلافيها في المرات القادمة؟ وكانت إجابتنا على سؤاله بأن مستوى الخدمات جيد، بل وأثنينا على تعامله الحسن وحرصه وطريقته الرائعة التي جذبت انتباهنا.
وبادرنا النادل بطلب آخر حينما طلب منا أن نقيم خدمات المطعم من خلال موقع “قوقل” حتى نساهم في دعمهم وتشجيعهم في صناعة سمعه حسنة عن المطعم، وحتى نشارك هذه التجربة مع الزوار المحتملين للمطعم في المستقبل.
ذهب النادل، والتقط صديقي الخيط من جديد وقال هل رأيت هذا القائد؟ هذا مثال لممارسه القيادة دون أن يُفرض عليه هذا الأمر.. لكنه أخذ صلاحية سؤال العملاء عن مدى رضاهم، ومارسها بالطريقة التي يرى أنها مناسبة لكسب رضا العميل، لأنه حريص على المنشأة وذلك نبع من روح القيادة لديه وحتى لو كان مطلوباً منه كان يتعامل بدافع القائد لا دافع المأمور فكان مثالاً حياً لأن الشخص يستطيع أن يكون قائد مميز حتى لو كان عامل نظافة أو موظف بسيط من خلال عمله، لذلك فعندما تصنع تأثير القيادة فأنت فعلاً تقود أياً كان موقعك او منصبك او مكانك.
ومن هذا الموقف وغيره يمكن لنا تعريف القيادة بأنها “فن التأثير” فحيثما كانت لديك القدرة على التأثير في الأخرين فأنت قائد أيا كان مقدار هذا التأثير أو درجته.. فلا تنتظر منصبا حتى تمارس القيادة ومارسها من الآن.