زواج المعاقين عقليا.. بين مؤيد ومعارض
د. هالة الديب
قسم التربية الخاصة
يعتبر الزواج حقا لكل إنسان لديه الرغبة في تكوين أسرة، سواء أكانت الرغبة من قبل الشاب أو الفتاة من دون تفريق بين الإنسان السوي والمعاق، وهو حق مشروع يحث عليه ديننا الحنيف، لما يترتب عليه من امتداد لبناء الأسرة وتحقيقا للاستقرار النفسي، وتحصينا للنفس الإنسانية وإشباعا لرغباتها الجنسية.
وقد كرم الإسلام الإنسان ولم يترك شيئاً في الحياة إلا ووضحه، وسن القوانين لخدمته، وجاء الإسلام رحيماً لكافة البشر، وشملت رحمته الطفل المعاق، لذلك جاء علماء التربية والعلوم الإنسانية المسلمون وجنّدوا كل علومهم وإمكانياتهم لخدمة المعاق وتسهيل تربيته والارتقاء به ودمجه بالمجتمع والاستفادة من طاقاته الكامنة، وكان من جهودهم توضيح حقوق المعاق في المجتمع الإسلامي.
وبرز اهتمام المختصين بفئة المعاقين فكرياً في السنوات الأخيرة وبموضوع زواجهم، ويعد زواج المعاقين هو الضمان الوحيد عند بعض الأسر التي لديها معاق من المصير المجهول الذي ينتظره بعد وفاة والديه، وذلك لحاجته الدائمة والمستمرة لمزيد من الرعاية والعناية، مما يضطر الآباء لتقديم مزيد من التضحيات في البحث لابنهم المعاق عن زوجة تتحمل مسؤوليته بعد وفاتهما.
وأقرت الشريعة الإسلامية منذ قرون عديدة ما انتهت إليه القوانين الوضعية الحديثة من عدم حرمان المعاقين من الإنجاب، وإشباع حاجاتهم للزواج، شأنهم شأن الأفراد العاديين، واشترطت الشريعة في زواج المعاق أن يكون قادرا على النفقة من ماله أو مال أبيه البسيط، والقيام بواجباته الزوجية نحو الطرف الآخر، وتحقيق ما شرع الزواج نحو الطرف الآخر.
وحرم الإسلام التعقيم إلا لأسباب صحية ومرضية، فقد منعهم الإسلام من الزواج لعدم قدرتهم عليه، وبالتالي منعهم من الإنجاب لأنهم لا يقدرون على تحمل مسؤولية الأسرة وتربية الأبناء.
وأشار الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبري في جدة بأن المعاق عقليا وصاحب الإعاقة التي تزيل العقل حكمه حكم المجنون، والمجنون يجوز له الزواج، لكن يشترط في زواجه مع شروط الزواج المعلومة شروط أخري هي:
- اطلاع الطرف الآخر على حاله ومعرفته بوضعه تماما.
- ألا يكون الطرف الآخر مجنونا، ولا زائل العقل، بل يتزوج المتخلف عقليا امرأة سليمة العقل، وتتزوج المتخلفة عقليا برجل سليم العقل.
- أن يكون سقيم العقل منهما آمناً، أما الذي يتصف بالعدوانية بالضرب أو الإفساد فلا يجوز له الزواج.
- وآخر الشروط أن يرضي أولياء المرأة بهذا الزواج، لأن فيه ضررا قد يلحقهم.
وبعد هذا العرض نحن مع دمج المعاق عقليا من زيجة مناسبة ترضى بظروفه وتزويجه ليستمتع بحياته الجنسية بالحلال، هذا والله أعلم.