المنتج .. الركن الأول
عبدالحميد الرسيني
قسم الاقتصاد والتمويل
هل سبق وأن رأيت متاجر سيئة التصميم أو ضيقة المساحة، أو أي شيء من هذا القبيل تحظى بزحام ملفت، وتنعم بمبيعات مربحة؟
وأخرى حديثة التصميم ذات موقع مميز أو مساحة شاسعة لا تكاد تحصل على ما يغطي تكاليفها؟
لماذا مثلاً تنجح سيدة تبيع منتج الكليجا عبر الـ(WhatsApp) بتحقيق أرباح عالية ويخسر شاب قد افتتح محلاَ فسيحاً لبيع المنتجات الشعبية؟ لماذا تنجح حملة إعلانية رديئة وتفشل أخرى فاقت أعلى المعايير؟
أركان المشروع الثلاثة الأساسية:
تتعدد أسباب الفشل وأهم هذه الأسباب الذي يغيب عن البعض هو أن الركن الأول لأي عمل ناجح هو المنتج الجيد؛ وأما الركنان المتبقيان فبالنظر لطبيعتهما نستنتج أنهما تابعان للأول، فالعميل الذي يحتاج المنتج ويُحتمل قيامه بشرائه، ووسيلة التبادل الملائمة والتي تزداد أهميتها بقلة أهمية المنتج لدى العميل كما هو الحال في السلع الكمالية، بل إن كافة العوامل التي تؤدي إلى نجاحك في عملك الخاص تتبع لطبيعة المنتج الذي بدوره يخضع لرغبة العملاء.
إن كان هناك من شيء يُفضل أن يقوم به المرء قبل افتتاح أي نشاط تجاري وقبل أن (يتحمل عبء التكاليف الثابتة والمتغيرة) هو تحديد ماهية السلعة أو الخدمة المقدمة للعملاء، والتأكد من وجود فئة ترغب بها ثم بعد ذلك اختيار وسيلة التبادل الملائمة والتي تحقق أعلى ربح بأقل تكلفة (معرضاً تجارياً أو صفحة إلكترونية مثلاً).
فمن المؤسف مشاهدة الكثير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي لم تحظ بالنجاح، وسبب ذلك هو انعكاس لطريقة بدايتها، حيث يبدأ المشروع من استئجار معرض تجاري فتسير الأحداث في أحد مسارين إما أن تتراكم عليه التكاليف الثابتة من إيجار وسواه، وهذا من شأنه إيقاع المشروع في المأزق الأخطر لأي مشروع ناشئ لا يتمتع بالقدرة الائتمانية التي تؤهله للاقتراض، ويتعرض بالتالي للعسر المالي مما يضطر بالمشروع إلى تصفية أصوله بغية سداد التزاماته الآنية، أما المسار الثاني فهو الافتتاح وتراكم التكاليف الثابتة والتشغيلية المتغيرة بسبب ضعف الإقبال الناتج عن عدم جاذبية المنتج المقدم، والذي من شأنه في الكثير من الحالات مضاعفة الخسارة، وفي كلا الحالين ينتهي المطاف بالمشروع إلى الفشل، هذا مع قدرة صاحبه على تجنب كل ذلك بتحديد منتجه بعناية واختباره قبل أي خطوة يترتب عليها أي التزامات مالية.
إن السبب الأساس لنجاح الشركات هو تلبيتها حاجة عملائها كان ذلك بقصد أم دون قصد، (Apple) عملت في الكراج ووُجد المنتج (الحاسوب) ثم وُجدت الشركة، (Google) كان مشروعا بحثيا جامعيا داخل أروقة الجامعة وكذلك (Snapchat) ثم تحولا بعد ذلك لما نراهما عليه اليوم، والكثير من الشركات الناجحة قامت على هذا الأساس بإيجاد المنتج المرغوب للعملاء ثم إنشاء شركة ناجحة؛ وللحديث بقية…